للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ النِّيَّةُ مَعَ التَّحَرُّمِ صَحَّ لِوُجُودِ السَّفَرِ وَقْتَهَا وَإِلَّا فَلَا، قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ نَقْلًا عَنْ الْمُتَوَلِّي، وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حُدُوثِ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الْأُولَى حَيْثُ لَا يُجْمَعُ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ، فَنَزَلَ اخْتِيَارُهُ لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْزِلَتَهُ بِخِلَافِ الْمَطَرِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ، فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ هُنَا يُرَدُّ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ بِأَنَّ الْمَطَرَ أَضْعَفُ لِلْخِلَافِ فِيهِ، وَلِأَنَّ فِيهِ طَرِيقًا بِاشْتِرَاطِ نِيَّةِ الْجَمْعِ فِي الْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ الْمَطَرِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلْجَمْعِ فَلَمْ تَكُنْ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ، وَفِي السَّفَرِ تَجُوزُ النِّيَّةُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأُولَى؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَتَهُ شَرْطٌ فَكَانَتْ مَحَلًّا لِلنِّيَّةِ، فَإِذًا لَا فَرْقَ فِي الْمُسَافِرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ لَا كَمَا أَفَادَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَقَدْ يُحْمَلُ الْقَوْلُ بِأَنَّ السَّفَرَ بِاخْتِيَارِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَلَا كَذَلِكَ الْمَطَرُ فَلَا إيرَادَ.

(وَ) ثَالِثُهَا (الْمُوَالَاةُ بِأَنْ لَا يَطُولَ بَيْنَهُمَا فَصْلٌ) إذْ الْجَمْعُ يَجْعَلُهُمَا كَصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ، فَوَجَبَ الْوَلَاءُ كَرَكَعَاتِ الصَّلَاةِ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ وَالتَّابِعُ لَا يُفْصَلُ عَنْ مَتْبُوعِهِ وَلِهَذَا تُرِكَتْ الرَّوَاتِبُ بَيْنَهُمَا.

وَكَيْفِيَّةُ صَلَاتِهَا أَنَّهُ إذَا جَمَعَ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ الْقَبْلِيَّةَ وَلَهُ تَأْخِيرُهَا سَوَاءٌ أَجَمَعَ تَقْدِيمًا أَمْ تَأْخِيرًا، وَتَوْسِيطُهَا إنْ جَمَعَ تَأْخِيرًا سَوَاءٌ أَقَدَّمَ الظُّهْرَ أَمْ الْعَصْرَ وَأَخَّرَ سُنَّتَهَا الَّتِي بَعْدَهَا،

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِتَأَدِّي جُزْءٍ مِنْهَا عَلَى التَّمَامِ وَيَسْتَحِيلُ بَعْدَهُ الْقَصْرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ النِّيَّةُ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ.

(قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ مَا نَوَاهُ وَجَازَ لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ السَّفَرِ فِي وَقْتِهَا) أَيْ النِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ) هُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ: مَنْزِلَتَهُ) أَيْ مَنْزِلَةَ السَّفَرِ

(قَوْلُهُ: وَثَالِثُهَا الْمُوَالَاةُ) . [فَرْعٌ] لَوْ شَكَّ هَلْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ لَا يَنْبَغِي امْتِنَاعُ الْجَمْعِ: أَيْ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ عَنْ قُرْبٍ كَمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ رُخْصَةٌ فَلَا يُصَارُ إلَيْهَا إلَّا بِيَقِينٍ م ر انْتَهَى سم عَلَى مَنْهَجٍ. وَفِيهِ فَرْعٌ فِي التَّجْرِيدِ عَنْ حِكَايَةِ الرُّويَانِيِّ عَنْ وَالِدِهِ مِنْ جُمْلَةِ كَلَامٍ طَوِيلٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ مِنْ الْوَقْتِ: أَيْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ مَا يَسَعُ الْمَغْرِبَ وَدُونَ رَكْعَةٍ مِنْ الْعِشَاءِ، يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُصَلِّي الْعِشَاءَ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ رَكْعَةٍ يَجْعَلُهَا قَضَاءً. قَالَ الرُّويَانِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ؛ لِأَنَّ وَقْتَ الْمَغْرِبِ يَمْتَدُّ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ عِنْدَ الْعُذْرِ إلَخْ انْتَهَى. وَوَافَقَ م ر عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي جَوَازُ الْجَمْعِ أَيْضًا انْتَهَى أَقُولُ: وَيُؤَيِّدُ الْجَوَازَ مَا يَأْتِي مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ لِوُقُوعِ تَحَرُّمِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ وَإِنْ أَقَامَ بَعْدَهُ، فَكَمَا اُكْتُفِيَ بِعَقْدِ الثَّانِيَةِ فِي السَّفَرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا تُرِكَتْ) أَيْ وُجُوبًا لِصِحَّةِ الْجَمْعِ

(قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّةُ صَلَاتِهَا) أَيْ الرَّوَاتِبِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ تَأْخِيرُهَا) أَيْ عَنْ الصَّلَاتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَأَخَّرَ سُنَّتَهَا الَّتِي بَعْدَهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَدَّمَ سُنَّةَ الظُّهْرِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

النِّيَّةِ فِي مَحَلِّ النِّيَّةِ فَأَجْزَأَتْ لِوُقُوعِهَا فِي مَحَلِّهَا وَقَطَعْنَا النَّظَرَ عَمَّا وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: يُرَدُّ إلَخْ) هَذَا الرَّدُّ مُتَوَجِّهٌ إلَى قَوْلِ هَذَا الْبَعْضِ وَهُوَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ، فَالْأَوْجَهُ امْتِنَاعُ الْجَمْعِ هُنَا فَحَاصِلُهُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ الِاخْتِيَارِ وَعَدَمِهِ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ بِالسَّفَرِ فِيمَا ذُكِرَ لَكِنْ فِي هَذَا السِّيَاقِ صُعُوبَةٌ.

(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ مَا ذَكَرَهُ الْمُتَوَلِّي) أَيْ مِنْ حَيْثُ إطْلَاقُهُ الْمُتَنَاوِلُ لِمَا إذَا كَانَ السَّفَرُ بِاخْتِيَارِهِ وَغَيْرِهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَ السَّفَرِ وَالْمَطَرِ: أَيْ بَدَلُ مَا فَرَّقَ بِهِ الْبَعْضُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: لِلْخِلَافِ فِيهِ) أَيْ الْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ فَإِنَّ الْمُزَنِيّ يَمْنَعُهُ مُطْلَقًا.

وَلَنَا قَوْلٌ شَاذٌّ بِجَوَازِهِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ دُونَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَإِلَّا فَخِلَافُ الْعُلَمَاءِ ثَابِتٌ حَتَّى فِي الْجَمْعِ بِالسَّفَرِ (قَوْلُهُ: وَفِي السَّفَرِ تَجُوزُ) أَيْ الطَّرِيقُ فَتَجُوزُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ (قَوْلُهُ: وَكَانَتْ) الْأَوْلَى فَكَانَ أَيْ الْأَثْنَاءُ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُحْمَلُ إلَخْ) هَذَا الْحَمْلُ لَا يَتَأَتَّى مَعَ قَوْلِ الْبَعْضِ الْمَذْكُورِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَكُنْ بِاخْتِيَارِهِ إلَخْ، إذْ كَيْفَ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>