للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهَا قَضَاءً عَلَى مَا إذَا وُجِدَتْ النِّيَّةُ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ وَقْتِهِ مَا لَا يَسَعُ رَكْعَةً، وَعَدَمَ عِصْيَانِهِ عَلَى وُجُودِهَا وَفِي الْوَقْتِ مَا يَسَعُ الصَّلَاةَ: قَالَ: وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ مَا وَقَعَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ التَّنَاقُضِ فِي ذَلِكَ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. وَمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي إحْيَائِهِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ حَتَّى خَرَجَ الْوَقْتُ لَمْ يَعْصِ، وَكَانَ جَامِعًا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ صَحِيحٌ فِي عَدَمِ عِصْيَانِهِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الْجَمْعِ لِفَقْدِ النِّيَّةِ (وَلَوْ جَمَعَ) أَيْ أَرَادَ الْجَمْعَ (تَقْدِيمًا) بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا نَاوِيًا الْجَمْعَ (فَصَارَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ) أَوْ قَبْلَ فَرَاغِ الْأُولَى كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَعَدَلَ عَنْهُ لِإِيهَامِهِ وَفَهْمِهِ مِمَّا ذَكَرَهُ (مُقِيمًا) بِنَحْوِ نِيَّةِ إقَامَةٍ أَوْ شَكٍّ فِيهَا (بَطَلَ الْجَمْعُ) لِزَوَالِ سَبَبِهِ فَيَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَ الثَّانِيَةَ إلَى وَقْتِهَا أَمَّا الْأُولَى فَلَا تَتَأَثَّرُ بِذَلِكَ.

(وَ) إذَا صَارَ مُقِيمًا (فِي الثَّانِيَةِ) وَمِثْلُهَا إذَا صَارَ مُقِيمًا (بَعْدَهَا لَا يَبْطُلُ) الْجَمْعُ (فِي الْأَصَحِّ) لِلِاكْتِفَاءِ بِاقْتِرَانِ الْعُذْرِ بِأَوَّلِ الثَّانِيَةِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ بُطْلَانِهَا بَعْدَ انْعِقَادِهَا، وَإِنَّمَا مَنَعَتْ الْإِقَامَةُ فِي أَثْنَائِهَا جَوَازَ الْقَصْرِ لِمُنَافَاتِهَا لَهُ، بِخِلَافِ جِنْسِ الْجَمْعِ لِجَوَازِهِ بِالْمَطَرِ، وَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فِي أَثْنَائِهَا فَبَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَلِهَذَا كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ أَضْعَفَ، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ: الْبُطْلَانُ قِيَاسًا عَلَى الْقَصْرِ، وَفَرْقُ الْأَوَّلِ بِمَا مَرَّ (أَوْ) جَمَعَ (تَأْخِيرًا فَأَقَامَ بَعْدَ فَرَاغِهِمَا لَمْ يُؤَثِّرْ) ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ كَجَمْعِ التَّقْدِيمِ وَأَوْلَى (وَ) إقَامَتُهُ (قَبْلَهُ) أَيْ فَرَاغُهُمَا وَلَوْ فِي أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ خِلَافًا لِمَا بَحَثَهُ فِي الْمَجْمُوعِ (يَجْعَلُ الْأُولَى قَضَاءً) لِتَبَعِيَّتِهَا لِلثَّانِيَةِ فِي الْأَدَاءِ وَالْعُذْرِ، فَاعْتُبِرَ وُجُودُ سَبَبِ الْجَمْعِ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ قَدَّمَ الْمَتْبُوعَةَ وَأَقَامَ أَثْنَاءَ التَّابِعَةِ أَنَّهَا تَكُونُ أَدَاءً لِوُجُودِ الْعُذْرِ فِي جَمِيعِ الْمَتْبُوعَةِ، وَهُوَ قِيَاسُ مَا مَرَّ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ، ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ، وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَهُ آخَرُونَ، مِنْهُمْ الطَّاوُسِيُّ، وَأَجْرَى الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ، فَقَالَ: وَإِنَّمَا اُكْتُفِيَ فِي جَمْعِ التَّقْدِيمِ بِدَوَامِ السَّفَرِ إلَى عَقْدِ الثَّانِيَةِ، وَلَمْ يُكْتَفَ بِهِ فِي جَمْعِ التَّأْخِيرِ بَلْ شُرِطَ دَوَامُهُ إلَى تَمَامِهِمَا؛ لِأَنَّ وَقْتَ الظُّهْرِ لَيْسَ وَقْتَ الْعَصْرِ إلَّا فِي السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ عِنْدَ عَقْدِ الثَّانِيَةِ فَيَحْصُلُ الْجَمْعُ.

وَأَمَّا وَقْتُ الْعَصْرِ فَيَجُوزُ فِيهِ الظُّهْرُ بِعُذْرِ السَّفَرِ وَغَيْرِهِ فَلَا يَنْصَرِفُ فِيهِ الظُّهْرُ إلَى السَّفَرِ إلَّا إذَا وُجِدَ السَّفَرُ فِيهِمَا، وَإِلَّا جَازَ أَنْ تَنْصَرِفَ إلَيْهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِيهِ، وَأَنْ تَنْصَرِفَ إلَى غَيْرِهِ لِوُقُوعِ بَعْضِهَا فِي غَيْرِهِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي الْجَمْعِ بِالْمَطَرِ، فَقَالَ (وَيَجُوزُ الْجَمْعُ) وَلَوْ مُقِيمًا لِمَا يَجْمَعُهُ بِالسَّفَرِ وَلَوْ جُمُعَةً مَعَ الْعَصْرِ خِلَافًا لِلرُّويَانِيِّ (بِالْمَطَرِ) وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا بِشَرْطِ أَنْ يُبَلَّ الثَّوْبُ، وَنَحْوُ الْمَطَرِ مِثْلُهُ كَثَلْجٍ وَبَرَدٍ ذَائِبَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي وَشِفَّانِ، وَهُوَ رِيحٌ بَارِدَةٌ فِيهَا مَطَرٌ خَفِيفٌ (تَقْدِيمًا) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا. زَادَ مُسْلِمٌ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا سَفَرٍ» . قَالَ الشَّافِعِيُّ كَمَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَرَى ذَلِكَ بِعُذْرِ الْمَطَرِ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

أَيْ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ) مُرَادُهُ حَجَرٌ.

(قَوْلُهُ: صَحِيحٌ فِي عَدَمِ عِصْيَانِهِ) قَدْ يُقَالُ: إنَّ عَدَمَ الْعِصْيَانِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ يُخَاطَبُ بِفِعْلِهَا فِيهِ إمَّا أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ بَاقِيه حَيْثُ عَزَمَ عَلَى فِعْلِهَا فِي الْوَقْتِ وَتَأْخِيرُهَا عَنْ وَقْتِهَا مُمْتَنِعٌ إلَّا بِنِيَّةِ الْجَمْعِ وَلَمْ تُوجَدْ، وَنِسْيَانُهُ لِلنِّيَّةِ لَا يُجَوِّزُ إخْرَاجَهَا عَنْ وَقْتِهَا.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ صَلَّى الْأُولَى فِي وَقْتِهَا) وَهَلْ يُشْتَرَطُ لِجَوَازِ الْجَمْعِ بَقَاءُ الْوَقْتِ إلَى فَرَاغِ الثَّانِيَةِ أَوْ إلَى عَقْدِهَا فَقَطْ كَالسَّفَرِ، فِيهِ نَظَرٌ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ سم عَلَى مَنْهَجٍ الِاكْتِفَاءُ بِالتَّحَرُّمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ عِبَارَتِهِ.

(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ) أَيْ بَدَلَ قَوْلِهِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَلِهَذَا كَانَ الْخِلَافُ فِيهِ أَضْعَفَ) وَعَلَيْهِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمَتْنِ أَنْ يَقُولَ: وَفِي الثَّانِيَةِ لَا تَبْطُلُ فِي الْأَصَحِّ وَكَذَا بَعْدَهَا عَلَى الصَّحِيحِ.

(قَوْلُهُ: لَوْ قَدَّمَ الْمَتْبُوعَةَ) وَهِيَ الْعَصْرُ، وَقَوْلُهُ أَنَّهَا تَكُونُ: أَيْ التَّابِعَةُ.

(قَوْلُهُ: وَأَجْرَى الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ) مُعْتَمَدٌ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) أَيْ الْمَطَرُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ رِيحٌ بَارِدَةٌ فِيهَا مَطَرٌ) قَضِيَّةُ جَعْلِهِ مُلْحَقًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ) أَيْ مَعَ الصَّلَاةِ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْأَذْرَعِيُّ، وَبِهِ يَتَّضِحُ عَدَمُ الْعِصْيَانِ وَيَنْدَفِعُ مَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ مِنْ اسْتِشْكَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>