للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ بَانَ أَنَّ عِنْدَهُ ثَوْبًا نَسِيَهُ، أَوْ لِلْخَوْفِ مِنْ ظَالِمٍ أَوْ غَرِيمٍ ثُمَّ بَانَتْ غَيْبَتُهُمَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ (وَيُنْدَبُ لِمَنْ أَمْكَنَ زَوَالُ عُذْرِهِ) قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ كَعَبْدٍ يَرْجُو الْعِتْقَ وَمَرِيضٍ يَتَوَقَّعُ الْخِفَّةَ وَإِنْ لَمْ يَظُنَّ ذَلِكَ (تَأْخِيرُ ظَهْرِهِ إلَى الْيَأْسِ مِنْ) إدْرَاكِ (الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَزُولُ عُذْرُهُ وَيَتَمَكَّنُ مِنْ فَرْضِ أَهْلِ الْكَمَالِ وَيَحْصُلُ الْيَأْسُ مِنْ إدْرَاكِهَا بِأَنْ يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ الثَّانِي وَيُفَارِقُ مَا سَيَأْتِي فِي غَيْرِ الْمَعْذُورِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ السَّلَامِ لَمْ يَصِحَّ بِأَنَّ الْجُمُعَةَ ثَمَّ لَازِمَةٌ فَلَا تَرْتَفِعُ إلَّا بِيَقِينٍ، بِخِلَافِهَا هُنَا، وَمَحَلُّ صَبْرِهِ إلَى فَوْتِ الْجُمُعَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرْهَا الْإِمَامُ إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ، وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ الظُّهْرَ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِ التَّنْبِيهِ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ أَرْبَعُونَ كَامِلُونَ عُلِمَ مِنْ عَادَتِهِمْ أَنَّهُمْ لَا يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فَهَلْ لِمَنْ تَلْزَمُهُ إذَا عَلِمَ ذَلِكَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ وَإِنْ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، إذْ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْأَوْجَهُ لَا لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَالْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا وَهُنَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ مِنْهَا. نَعَمْ لَوْ كَانَ عَدَمُ إعَادَتِهِمْ لَهَا أَمْرًا عَادِيًا لَا يَتَخَلَّفُ كَمَا فِي بَلْدَتِنَا بَعْدَ إقَامَتِهَا أَوَّلًا اتَّجَهَ فِعْلُ الظُّهْرِ وَإِنْ لَمْ يَضِقْ وَقْتُهُ عَنْ فِعْلِهَا كَمَا شَاهَدْته مِنْ فِعْلِ الْوَالِدِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَثِيرًا.

(وَ) يُنْدَبُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِمَنْ لَا يُمْكِنُ زَوَالُ عُذْرِهِ (كَالْمَرْأَةِ وَالزَّمِنِ) الَّذِي لَا يَجِدُ مَرْكَبًا (تَعْجِيلُهَا) أَيْ الظُّهْرِ مُحَافَظَةً عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ: إنَّ هَذَا هُوَ اخْتِيَارُ الْخُرَاسَانِيِّينَ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: هَذَا كَالْأَوَّلِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ تَأْخِيرُ الظُّهْرِ حَتَّى تَفُوتَ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ قَدْ يَنْشَطُ لَهَا وَلِأَنَّهَا صَلَاةُ الْكَامِلِينَ فَاسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُهَا. قَالَ: وَالِاخْتِيَارُ التَّوَسُّطُ، فَيُقَالُ إنْ كَانَ جَازِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحْضُرُهَا وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ تَقْدِيمُ الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ لَوْ تَمَكَّنَ أَوْ نَشِطَ حَضَرَهَا اُسْتُحِبَّ لَهُ التَّأْخِيرُ، وَمَا نَقَلَهُ عَنْ الْعِرَاقِيِّينَ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

صَحِيحَةٍ، لَكِنَّهُ قَدْ يُخَالِفُهُ مَا أَفْهَمَهُ قَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ فَوْتِ الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعِتْقِ وَالْعُرْيِ وَعَدَمِ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا بِيَقِينٍ) أَيْ وَهُوَ سَلَامُ الْإِمَامِ مِنْهَا، وَأَمَّا قَبْلَ السَّلَامِ فَلَمْ يَيْأَسْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَتَذَكَّرَ الْإِمَامُ تَرْكَ رُكْنٍ مِنْ الْأُولَى فَتَكْمُلَ الثَّانِيَةُ وَيَبْقَى عَلَيْهِ رَكْعَةٌ يَأْتِي بِهَا، وَحَيْثُ انْتَظَرَهُ الْقَوْمُ حَتَّى يَفْعَلَهَا حَصَلَ لِلْمَسْبُوقِ إدْرَاكُ الرَّكْعَةِ الْأُولَى فِي جَمَاعَةٍ أَرْبَعِينَ. وَعِبَارَةُ سم عَلَى حَجّ قَوْلُهُ فَيُحْسَبُ ابْتِدَاءُ سَفَرِهِ مِنْ الْآنَ يَنْبَغِي إذَا وَصَلَ لِمَحَلٍّ لَوْ رَجَعَ مِنْهُ لَمْ يُدْرِكْهَا أَنْ يَنْعَقِدَ سَفَرُهُ مِنْ الْآنَ وَإِنْ كَانَتْ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَفْعَلْ فِي مَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ يَبْقَى مِنْهَا أَرْبَعٌ) أَيْ قَدْرُ أَرْبَعٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ عَدَمُ إعَادَتِهِمْ) هُوَ اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ مِنْ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ حَقِّهِمْ أَنْ لَا يَفْعَلُوا الظُّهْرَ إلَّا عِنْدَ ضِيقِ وَقْتِهِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ فِعْلُ الْجُمُعَةِ مَعَ خُطْبَتِهَا.

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْجُمُعَةُ، فَيَكُونُ مَعْنَى أَجْزَأَتْهُمْ: أَيْ أَتَمُّوهَا وَاقْتَصَرُوا عَلَيْهَا يُرَاجَعُ (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ حُضُورُ الْجُمُعَةِ فِي ذَلِكَ) اُنْظُرْ لَوْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ قَبْلَ عِلْمِهِ هَلْ تَجِبُ إعَادَةُ الظُّهْرِ (قَوْلُهُ: وَالْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا وَهُنَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ) كَذَا فِي نُسَخِ الشَّارِحِ، وَلَعَلَّ فِي النُّسَخِ سَقَطًا مِنْ النُّسَّاخِ، وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ:؛ لِأَنَّهَا الْوَاجِبُ أَصَالَةً وَالْمُخَاطَبُ بِهَا يَقِينًا فَلَا يَخْرُجُ عَنْهُ إلَّا بِالْيَأْسِ يَقِينًا، وَلَيْسَ مِنْ تِلْكَ الْقَاعِدَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مُتَوَقَّعٍ لَمْ يُعَارِضْ مُتَيَقَّنًا، وَهُنَا عَارَضَهُ يَقِينُ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إلَّا بِيَقِينِ الْيَأْسِ انْتَهَتْ.

وَمُرَادُهُ بِالْقَاعِدَةِ مَا ذَكَرَهُ الْبَعْضُ فِي قَوْلِهِ إذْ لَا أَثَرَ لِلْمُتَوَقَّعِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ لَوْ كَانَ عَدَمُ إعَادَتِهِمْ لَهَا أَمْرًا عَادِيًّا لَا يَتَخَلَّفْ كَمَا فِي بَلْدَتِنَا بَعْدَ إقَامَتِهَا) أَيْ فِيمَا إذَا أُقِيمَتْ جَمَاعَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَاحْتُمِلَ سَبْقُ بَعْضِهَا وَلَمْ يُعْلَمْ فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَجِبُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ كَمَا يَأْتِي، وَوَجْهُ تَعَلُّقِ هَذَا الِاسْتِدْرَاكِ بِمَا قَبْلَهُ النَّظَرُ لِلْعَادَةِ وَعَدَمِهِ وَإِنْ كَانَتْ صُورَةُ الِاسْتِدْرَاكِ فِيهَا إعَادَةُ الْجُمُعَةِ وَالْمُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ جُمُعَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالِاسْتِدْرَاكِ تَقْيِيدَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهُ بِأَنَّ مَحَلَّهَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْعَادَةُ يُمْكِنُ تَخَلُّفُهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>