كَالْمُقَرِّبِ دَجَاجَةً، وَبِأَرْبَعٍ كَالْمُقَرِّبِ بَيْضَةً. لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذِّبِ وَمُسْلِمٍ: بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ، لَكِنَّ بَدَنَةَ الْأَوَّلِ أَكْمَلُ مِنْ بَدَنَةِ الْأَخِيرِ، وَبَدَنَةُ الْمُتَوَسِّطِ مُتَوَسِّطَةً كَمَا فِي دَرَجَاتِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ، فَعَلَيْهِ الْمُرَادُ بِسَاعَاتِ النَّهَارِ الْفَلَكِيَّةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً زَمَنِيَّةً صَيْفًا أَوْ شِتَاءً، وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ الْفَلَكِيَّةَ فَالْعِبْرَةُ بِخَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْهَا أَوْ سِتٍّ، وَهُوَ الْمُعَوِّلُ عَلَيْهِ طَالَ الزَّمَانُ أَوْ قَصُرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْقَاضِي، وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ الْغَزَالِيِّ: آخِرَ الْأُولَى إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَالثَّانِيَةِ ارْتِفَاعُهَا، وَالثَّالِثَةِ انْبِسَاطُهَا حَتَّى تَرْمَضَ الْأَقْدَامُ، وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ الزَّوَالُ، وَصَحَّ فِي الْخَبَرِ «يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً» وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِلثَّانِي لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ يَوْمَهَا غَيْرُ مُخْتَلِفٍ، فَلْتُحْمَلْ السَّاعَةُ عَلَى مِقْدَارِ سُدُسِ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ. وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الثَّانِيَ أَيْضًا مَا يَلْزَمُ الْأَوَّلَ مِنْ كَوْنِ الِاقْتِصَارِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى السَّاعَاتِ الْخَمْسِ أَوْ السِّتِّ لَا حِكْمَةَ لَهُ، لِأَنَّ السَّبْقَ مَرَاتِبُهُ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ، وَيَصِحُّ اعْتِبَارُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فَيُنْظَرُ إلَى السَّاعَاتِ مِنْ حَيْثُ الِانْقِسَامِ إلَيْهَا وَيُخَصَّصُ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِشَيْءٍ وَيُنْظَرُ لِأَفْرَادِ الْجَائِينَ فِي كُلٍّ مِنْهَا مِنْ حَيْثُ تَفَاوُتُهُمْ فِي الْبَيْضَةِ مَثَلًا بِسَبَبِ التَّرْتِيبِ فِي الْمَجِيءِ فِي سَاعَاتِهَا، فَلَا خِلَافَ فِي الْحَقِيقَةِ بَيْنَ الرَّوْضَةِ وَالْمَجْمُوعِ كَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى. فَظَاهِرٌ أَنَّ مَنْ جَاءَ فِي السَّاعَةِ الْأُولَى نَاوِيًا التَّبْكِيرَ ثُمَّ عَرَضَ لَهُ عُذْرٌ فَخَرَجَ عَلَى نِيَّةِ الْعَوْدِ لَا تَفُوتُهُ
ــ
[حاشية الشبراملسي]
فَمَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ يَبْلُغُ سِتَّ سَاعَاتٍ فِي أَقَلِّ أَيَّامِ الشِّتَاءِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً) هُوَ الْمُعْتَمَدُ: أَيْ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقْسِمَ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَخُرُوجِ الْخَطِيبِ عَلَى سِتِّ سَاعَاتٍ بِنَاءً عَلَى رَوَاتِبِهَا أَوْ خَمْسٍ بِنَاءً عَلَى رَوَاتِبِهَا، وَتَكُونُ السَّاعَاتُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مُتَسَاوِيَةً فِي الْمِقْدَارِ، ثُمَّ مَا بَعْدَ خُرُوجِ الْخَطِيبِ إلَى الْغُرُوبِ بَقِيَّةُ السَّاعَاتِ فَتَكُونُ سِتًّا أَوْ سَبْعًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ السَّابِقِينَ فِيمَا قَبْلَ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ تَرْمَضَ الْأَقْدَامُ) بَابُهُ طَرِبَ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: وَالرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ) لَمْ يُمَيَّزْ أَوَّلَ الْخَامِسَةِ مِنْ الرَّابِعَةِ فَيُفِيدُ اشْتِرَاكَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مِنْهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ مَا بَعْدَ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ إلَى الزَّوَالِ مُنْقَسِمًا بَيْنَ الرَّابِعَةِ وَالْخَامِسَةِ عَلَى السَّوَاءِ، وَأَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ حَيْثُ خَرَجَ الْإِمَامُ عَقِبَ الزَّوَالِ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ وَإِلَّا قُسِّمَ مَا بَيْنَ خُرُوجِ الْإِمَامِ وَآخِرِ الثَّالِثَةِ بَيْنَ السَّاعَتَيْنِ وَعَلَى أَنَّهَا سِتُّ سَاعَاتٍ، فَمَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ يُقَسَّمُ بَيْنَ السَّاعَاتِ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مُؤَيِّدٌ لِلثَّانِي) هُوَ قَوْلُهُ بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ الْمُبَيَّنَةُ بِالزَّمَانِيَّةِ (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ) هَذَا بِنَاءً عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَقِبَهُ، وَإِلَّا فَالْمَدَارُ عَلَى خُرُوجِ الْخَطِيبِ، فَتُقَسَّمُ السَّاعَاتُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى خُرُوجِهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي حَجّ مَا يُوَافِقُهُ وَعِبَارَتُهُ: وَالْمُرَادُ أَنَّ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَخُرُوجِ الْخَطِيبِ يَنْقَسِمُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةٍ، سَوَاءٌ أَطَالَ الْيَوْمُ أَوْ قَصُرَ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرُ لَا يَخْفَى) وَجْهُهُ أَنَّ السَّاعَةَ الْوَاحِدَةَ أَجْزَاؤُهَا كَثِيرَةٌ،
[حاشية الرشيدي]
(قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ فِي شَرْحَيْ الْمُهَذَّبِ وَمُسْلِمٍ بَلْ الْمُرَادُ الْفَلَكِيَّةُ) يَعْنِي الزَّمَانِيَّةَ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ الْمُرَادُ بِسَاعَاتِ النَّهَارِ الْفَلَكِيَّةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً زَمَانِيَّةً) يُقَالُ عَلَيْهِ السَّاعَاتُ الزَّمَانِيَّةُ إنَّمَا تُحْسَبُ عِنْدَ عُلَمَاءِ الْمِيقَاتِ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَا مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: مُرَادُهُ أَنَّهَا تُقْسَمُ مِنْ الْفَجْرِ كَتَقْسِيمِ الزَّمَانِيَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ عِنْدَ أَهْلِهَا، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَقْسِمُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ سِتَّةَ أَقْسَامٍ مُتَسَاوِيَةٍ، كَمَا يَقْسِمُ مِنْ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ كَذَلِكَ الَّذِي هُوَ مُوَافِقٌ لِمَا هُوَ مُصْطَلَحُ عُلَمَاءِ الْمِيقَاتِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّ سَاعَاتِ مَا بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ أَكْبَرُ مِنْ سَاعَاتِ مَا بَيْنَ الزَّوَالِ وَالْغُرُوبِ لِزِيَادَةِ حِصَّةِ الْفَجْرِ عَلَى نِصْفِ الْقَوْسِ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تُسَاوِ الْفَلَكِيَّةَ) يَعْنِي الْمُسْتَوِيَةَ وَإِلَّا فَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهُمَا بِالْفَلَكِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ بِخَمْسِ سَاعَاتٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّمَانِيَّةِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ: أَوْ سِتٍّ أَيْ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْخَمْسَ أَوْ السِّتَّ بِهَذَا الْمَعْنَى هِيَ جَمِيعُ مَا مَرَّ بَيْنَ الْفَجْرِ وَالزَّوَالِ (قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعَصْرِ) يَعْنِي الشِّهَابَ حَجّ فِي إمْدَادِهِ الَّذِي هُوَ تَابِعٌ لَهُ فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ فِي هَذِهِ السِّوَادَةِ حَرْفًا بِحَرْفٍ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ لَا يَخْفَى) وَجْهُهُ أَنَّهُ لَا يُلَائِمُ قَوْلَ الرَّوْضَةِ لِئَلَّا يَسْتَوِيَ فِيهِ رَجُلَانِ جَاءَا فِي طَرَفَيْ سَاعَةٍ، وَمَا وَجَّهَهُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute