للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ لِمُوَافَقَةِ نَظْمِ صَلَاتِهِ نَظْمَ صَلَاتِهِمْ لَا فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الثَّانِيَةِ وَالْأَخِيرَةِ إلَّا بِنِيَّةٍ مُجَدَّدَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قِيَامٍ وَيَحْتَاجُونَ إلَى الْقُعُودِ، وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُمْ كَأَنْ حَضَرَ جَمَاعَةً فِي ثَانِيَةٍ مُنْفَرِدًا وَأَخِيرَتُهُ فَاقْتَدُوا بِهِ فِيهَا ثُمَّ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَاسْتَخْلَفَ مُوَافِقًا لَهُمْ جَازَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِطْلَاقُهُمْ الْمَنْعَ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ، وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِخْلَافُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ يُصَلِّي كُلٌّ بِطَائِفَةٍ وَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى وَاحِدٍ وَلَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ الْخَلِيفَةِ جَازَ اسْتِخْلَافُ ثَالِثٍ وَهَكَذَا، وَعَلَى الْجَمِيعِ مُرَاعَاةُ تَرْتِيبِ صَلَاةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ.

(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ فِي الْجُمُعَةِ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُقْتَدِي (حَضَرَ الْخُطْبَةَ وَلَا) إدْرَاكُ (الرَّكْعَةِ الْأُولَى) (فِي الْأَصَحِّ فِيهِمَا) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بِالِاقْتِدَاءِ صَارَ فِي حُكْمِ مَنْ حَضَرَهَا وَسَمِعَهَا فَلِذَا صَحَّتْ جُمُعَتُهُ كَمَا تَصِحُّ جُمُعَةُ الْحَاضِرِينَ السَّامِعِينَ وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ الْقِيَاسُ عَلَى مَا لَوْ اسْتَخْلَفَ بَعْدَ الْخُطْبَةِ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا لِيُصَلِّيَ بِهِمْ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ، وَفِي الثَّانِي نَابَ الْخَلِيفَةُ الَّذِي كَانَ مُقْتَدِيًا بِهِ بِاسْتِخْلَافِهِ إيَّاهُ وَلَوْ اسْتَمَرَّ الْإِمَامُ لَكَانَتْ الْقُدْوَةُ صَحِيحَةً، فَكَذَا مَنْ نَابَ مَنَابَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهِ الشَّرَائِطُ، وَوَجْهُ مُقَابِلِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُدْرِكٍ لِلْجُمُعَةِ، وَيَجُوزُ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ وَبَيْنَ الْخُطْبَةِ وَالصَّلَاةِ بِشَرْطِ كَوْنِ الْخَلِيفَةِ فِي الثَّانِيَةِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ بِتَمَامِهَا وَالْبَعْضَ الْفَائِتَ فِي الْأُولَى، إذْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا يَصِيرُ غَيْرُ السَّامِعِ مِنْ أَهْلِهَا إذَا دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَيَنْزِلُ السَّمَاعُ هُنَا مَنْزِلَةَ الِاقْتِدَاءِ.

فَإِنْ قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ صِحَّةُ اسْتِخْلَافِ مَنْ سَمِعَ وَلَوْ نَحْوَ مُحْدِثٍ وَصَبِيٍّ زَادَ فَمَا الْفَرْقُ؟ قُلْت: يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ بِالسَّمَاعِ انْدَرَجَ فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ فَصَارَ مِنْ أَهْلِهَا تَبَعًا ظَاهِرًا فَلِهَذَا كَفَى اسْتِخْلَافُهُ، وَلِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ، أَوْ نَقْصِهَا اُشْتُرِطَتْ زِيَادَتُهُ.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَسْمَعْ فَلَمْ يَصِرْ مِنْ أَهْلِهَا وَلَا فِي الظَّاهِرِ فَلَمْ يَكْفِ اسْتِخْلَافُهُ مُطْلَقًا، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ امْتَنَعَ الِاسْتِخْلَافُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْمَجْمُوعِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُحْدِثِ بِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ خَرَجَ عَنْ الْأَهْلِيَّةِ بِالْكُلِّيَّةِ، بِخِلَافِ الْمُحْدِثِ بِدَلِيلِ صِحَّةِ خُطْبَةِ غَيْرِ الْجُمُعَةِ مِنْهُ، وَلَوْ اسْتَخْلَفَ مَنْ يُصَلِّي بِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ سَمِعَ الْخُطْبَةَ مِمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ جَازَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ عَنْ سَمَاعِهَا فَغَيْرُ مُشْتَرَطٍ جَزْمًا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ.

(ثُمَّ) عَلَى الْأَوَّلِ (إنْ كَانَ) الْخَلِيفَةُ فِي الْجُمُعَةِ (أَدْرَكَ) الرَّكْعَةَ (الْأُولَى) مِنْ الْجُمُعَةِ مَعَ الْإِمَامِ بِأَنْ أَدْرَكَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الرُّكُوعِ سَوَاءٌ كَانَ فِي نَفْسِ الرُّكُوعِ أَمْ فِي الْقِيَامِ قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ، وَقَدْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي وَقْتٍ كَانَتْ جُمُعَةُ الْقَوْمِ مُتَوَقِّفَةً.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

قَوْلُهُ: إلَّا بِنِيَّةٍ مُجَدَّدَةٍ) أَيْ مِنْهُمْ.

(قَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ التَّعْلِيلِ) هُوَ قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقِيَامِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَاسْتَخْلَفَ مُوَافِقًا) أَيْ وَهُوَ غَيْرُ مُقْتَدٍ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ اسْتِخْلَافُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعَدُّدِ جُمُعَةٍ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ سم مَا يُصَرِّحُ بِالْمَنْعِ فَمَا هُنَا مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْجُمُعَةِ

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ كَوْنِ الْخَلِيفَةِ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا الِاشْتِرَاطِ حَيْثُ كَانَ الْخَلِيفَةُ يَنْوِي الْجُمُعَةَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ يَنْوِي الظُّهْرَ مَثَلًا فَلَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُ وَلَا حُضُورُهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: وَالْبَعْضُ الْفَائِتُ) أَيْ مِنْ الْأَرْكَانِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَحْوَ مُحْدِثٍ وَصَبِيٍّ زَادَ) أَيْ عَلَى الْأَرْبَعِينَ.

(قَوْلُهُ: فَمَا الْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْخُطْبَةَ (قَوْلُهُ: وَلِبُطْلَانِ صَلَاتِهِ) أَيْ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِ أَوْ نَقْصِهَا أَيْ فِي حَقِّ الصَّبِيِّ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي زَادَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُحْدِثِ وَالصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَنَوَى غَيْرَ الْجُمُعَةِ جَازَ) أَيْ وَيُصَلُّونَ وَرَاءَهُ الْجُمُعَةَ، فَإِذَا قَامَ لِلثَّالِثَةِ خُيِّرُوا بَيْنَ الْمُفَارَقَةِ وَالِانْتِظَارِ وَهُوَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: أَخْذًا مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ: أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْمُقْتَدِي لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ (وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ حَضَرَ الْخُطْبَةَ عَنْ سَمَاعِهَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ بَعُدَ بِحَيْثُ لَوْ أَصْغَى

ــ

[حاشية الرشيدي]

(قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الْإِمَامِ الْأَصْلِيِّ) كَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ تَمَّتْ جُمُعَتُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>