للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ، قَالَهُ الرَّافِعِيُّ، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَخْلَفَهُ الْقَوْمُ، أَوْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَكِنَّ إطْلَاقَهُمْ يُخَالِفُهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّقَدُّمَ مَطْلُوبٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيُعْذَرُ بِهِ.

(وَيُرَاعِي) الْخَلِيفَةُ (الْمَسْبُوقُ نَظْمَ) صَلَاةِ (الْمُسْتَخْلَفِ) حَتْمًا لِيَجْرِيَ عَلَى نَظْمِهَا فَيَفْعَلَ مَا كَانَ الْإِمَامُ يَفْعَلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ تَرْتِيبَ صَلَاتِهِ بِاقْتِدَائِهِ بِهِ (فَإِذَا صَلَّى) بِهِمْ (رَكْعَةً) قَنَتَ بِهِمْ فِيهَا إنْ كَانَتْ ثَانِيَةَ الصُّبْحِ وَلَوْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الظُّهْرَ وَيَتْرُكُ الْقُنُوتَ فِي الظُّهْرِ وَإِنْ كَانَ هُوَ يُصَلِّي الصُّبْحَ وَ (تَشَهَّدَ) جَالِسًا وَسَجَدَ بِهِمْ لِسَهْوِ الْإِمَامِ الْحَاصِلِ قَبْلَ اقْتِدَائِهِ بِهِ وَبَعْدَهُ (وَأَشَارَ إلَيْهِمْ) بَعْدَ تَشَهُّدِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ (لِيُفَارِقُوهُ) فَيَتَخَيَّرُ الْمُقْتَدِي بِهِ بَعْدَ إشَارَتِهِ (أَوْ يَنْتَظِرُوا سَلَامَهُ) بِهِمْ، وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ: أَيْ مَعَ أَمْنِ خُرُوجِ الْوَقْتِ، فَإِنْ خَافُوا فَوْتَهُ وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِيُفَارِقُوهُ إلَى آخِرِهِ.

قَالَ الشَّارِحُ: عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ لِلْإِشَارَةِ: أَيْ لِكَوْنِهَا خَفِيَّةً قَدْ تُفْهَمُ وَقَدْ لَا، وَحَيْثُ فُهِمَتْ فَغَايَتُهَا انْتِظَارُهُ.

وَقَوْلُهُ أَيْ فَيَكُونُ بَعْدَهَا أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ مُرَتَّبٌ بَعْدَهَا بِاعْتِبَارِ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ مُتَقَدِّمًا فِي الذِّهْنِ.

وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ نَاشِئًا عَنْهَا: أَيْ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ، وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ إشَارَةِ الْمُصَلِّي خُصُوصًا مَعَ الِاسْتِدْبَارِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَخَلْفًا، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْخَلِيفَةِ الْمَسْبُوقِ التَّشَهُّدُ إذْ لَا يَزِيدُ حَالُهُ عَلَى بَقَائِهِ مَعَ إمَامِهِ بَلْ وَلَا الْقُعُودُ أَيْضًا كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ الْمَسْبُوقُ نَظْمَ صَلَاةِ إمَامِهِ فَفِي جَوَازِ اسْتِخْلَافِهِ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا كَمَا فِي التَّحْقِيقِ الْجَوَازُ، وَنَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: إنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، وَإِنْ مَنَعَ الْبُلْقِينِيُّ تَصْحِيحَهُ وَأَطَالَ فِي رَدِّهِ.

وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: إنَّ أَرْجَحَ الْقَوْلَيْنِ دَلِيلًا الْمَنْعُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُرَاقِبُ الْقَوْمَ بَعْدَ الرَّكْعَةِ، فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدَ.

ــ

[حاشية الشبراملسي]

خَافَ التَّوَاكُلَ لَوْ امْتَنَعَ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) خِلَافًا لحج

(قَوْلُهُ: وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ إلَخْ) قَدْ تَشْمَلُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مَا لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ بِالْفَاتِحَةِ وَاسْتَخْلَفَ شَخْصًا لَمْ يَقْرَأْهَا مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَرْكَعَ مِنْ غَيْرِ قِرَاءَةٍ، وَلَيْسَ مُرَادًا بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ لِأَجْلِ صِحَّةِ صَلَاةِ نَفْسِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِنَظْمِ صَلَاةِ إمَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِنَظْمِهَا أَنْ لَا يُخَالِفَهُ فِيمَا يُؤَدِّي إلَى خَلَلٍ فِي صَلَاةِ الْقَوْمِ، وَهَذَا غَايَةُ أَمْرِهِ أَنَّهُ طَوَّلَ الْقِيَامَ الَّذِي خَلَفَ الْإِمَامَ فِيهِ وَنَزَلَ مَنْزِلَتَهُ وَهُوَ لَا يَضُرُّ مِنْ الْإِمَامِ لَوْ كَانَ بَاقِيًا (قَوْلُهُ: فَيَفْعَلُ مَا كَانَ الْإِمَامُ يَفْعَلُهُ) أَيْ حَتْمًا فِي الْوَاجِبِ وَنَدْبًا فِي الْمَنْدُوبِ.

وَقَوْلُهُ حَتْمًا: أَيْ فِي الْجُمْلَةِ لِئَلَّا يُخَالِفَ قَوْلَهُ الْآتِي: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْخَلِيفَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثَانِيَةُ الصُّبْحِ) أَيْ فَلَوْ تَرَكَ الْقُنُوتَ لَمْ يَسْجُدْ هُوَ وَلَا الْمَأْمُورُونَ بِهِ بِتَرْكِهِ اهـ سم عَلَى حَجّ بِالْمَعْنَى.

وَقَوْلُهُ لَمْ يَسْجُدْ: أَيْ لِعَدَمِ حُصُولِ خَلَلٍ فِي صَلَاتِهِ.

وَقَوْلُهُ وَلَا الْمَأْمُومُونَ: أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَتَشَهَّدَ جَالِسًا) أَيْ جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ وُجُوبًا: أَيْ بِقَدْرِ مَا يَسَعُ أَقَلَّ التَّشَهُّدِ وَالصَّلَاةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَرَأَهُ نَدْبًا اهـ حَجّ.

وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ إلَخْ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُخَالِفُهُ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يَجِبُ عَلَى الْخَلِيفَةِ إلَخْ، وَمَا قَالَهُ حَجّ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ إلَيْهِمْ) قَالَ حَجّ نَدْبًا (قَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ الْمُقْتَدِي) أَيْ بَيْنَ الِانْتِظَارِ وَالسَّلَامِ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا الْقُعُودُ أَيْضًا) أَيْ فِي الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ لِتَمَكُّنِ الْقَوْمِ مِنْ مُفَارَقَتِهِ بِالنِّيَّةِ وَالْإِتْمَامِ لِأَنْفُسِهِمْ، لَكِنْ هَذَا قَدْ يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلًا وَيُرَاعِي الْمَسْبُوقُ نَظْمَ الْمُسْتَخْلَفِ حَتْمًا

ــ

[حاشية الرشيدي]

قَوْلُهُ: فَيَتَخَيَّرُ الْمُقْتَدِي بِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَنْتَظِرُوا (قَوْلُهُ: فَإِنْ خَافُوا فَوْتَهُ وَجَبَتْ الْمُفَارَقَةُ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ جُمُعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: فَغَايَتُهَا انْتِظَارُهُ) أَيْ أَوْ مُفَارَقَتُهُ وَالضَّمِيرُ فِي انْتِظَارِهِ لِلْخَلِيفَةِ فَهُوَ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِنُدْرَةِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ) كَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ أَيْ لِكَوْنِهَا خَفِيَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا الْقُعُودُ) فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِوُجُوبِ رِعَايَةِ نَظْمِ صَلَاةِ الْإِمَامِ، وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَهُ الشِّهَابُ حَجّ فَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الشَّارِحِ مُسْتَثْنًى

<<  <  ج: ص:  >  >>