وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ صَلَاتَهُ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ زِينَةٍ فَالْغُسْلُ لَهُ، بِخِلَافِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْجُمُعَةِ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ (وَيَدْخُلُ وَقْتُهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْقُرَى الَّذِينَ يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ يُبَكِّرُونَ لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْ قُرَاهُمْ، فَلَوْ لَمْ يَجُزْ الْغُسْلُ لَيْلًا لَشَقَّ عَلَيْهِمْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ تَأْخِيرُ صَلَاتِهَا وَتَقْدِيمُ صَلَاتِهِ فَعُلِّقَ غُسْلُهُ بِاللَّيْلِ وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِعْلُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ (وَفِي قَوْلٍ) يَدْخُلُ وَقْتُهُ (بِالْفَجْرِ) كَالْجُمُعَةِ وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ (وَ) يُنْدَبُ (الطِّيبُ) أَيْ التَّطَيُّبُ لِلذِّكْرِ بِأَحْسَنِ مَا يَجِدُهُ عِنْدَهُ مِنْ الطِّيبِ (وَالتَّزَيُّنُ كَالْجُمُعَةِ) بِأَحْسَنِ ثِيَابِهِ وَأَفْضَلُهَا الْبِيضُ إلَّا أَنْ يَكُونَ غَيْرُهَا أَحْسَنَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْهَا هُنَا لَا فِي الْجُمُعَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَصْدَ هُنَا إظْهَارُ النِّعَمِ وَثَمَّ إظْهَارُ التَّوَاضُعِ، وَسَوَاءٌ أَرَادَ حُضُورَ الصَّلَاةِ أَمْ لَا وَلَوْ صَبِيًّا كَمَا مَرَّ فِي الْغُسْلِ، أَمَّا الْإِنَاثُ فَيُكْرَهُ حُضُورُ ذَاتِ الْجَمَالِ وَالْهَيْئَةِ مِنْهُنَّ، وَيُسْتَحَبُّ لِغَيْرِهَا بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ، وَتَتَنَظَّفُ بِالْمَاءِ وَلَا تَتَطَيَّبُ وَتَخْرُجُ فِي ثِيَابِ بِذْلَتِهَا، وَالْخُنْثَى كَالْأُنْثَى فِيمَا تَقَرَّرَ، فَإِنْ كَانَتْ الْأُنْثَى مُقِيمَةً بِبَيْتِهَا اُسْتُحِبَّ لَهَا ذَلِكَ، وَيُسْتَحَبُّ إزَالَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالرِّيحِ الْكَرِيهِ، وَالْمُسْتَسْقِي
ــ
[حاشية الشبراملسي]
وَالزِّينَةُ وَكَمَا فِي غُسْلِ الْإِحْرَامِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
أَقُولُ: هُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُسْتَحَبَّ فِعْلُهُ بَعْدَ الْفَجْرِ) قَالَ سم عَلَى حَجّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَهَلْ غَيْرُ الْغُسْلِ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ كَالتَّبْكِيرِ وَالطِّيبِ كَذَلِكَ أَوْ لَا يَدْخُلُ وَقْتُهَا إلَّا بِالْفَجْرِ؟ فِيهِ نَظَرٌ اهـ.
وَفِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ لحج مَا يَقْتَضِي دُخُولَهُ بِنِصْفِ اللَّيْلِ فِي التَّطَيُّبِ وَالتَّزْيِينِ اهـ.
وَقَضِيَّةُ الِاقْتِصَارِ عَلَى هَذَيْنِ أَنَّ التَّبْكِيرَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَسَيَأْتِي مَا يُوَافِقُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَيُبَكِّرُ النَّاسُ نَدْبًا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَعِبَارَةُ مُلْتَقَى الْبَحْرَيْنِ تَبَعًا لِلْإِرْشَادِ: وَالْغُسْلُ لِلْعِيدَيْنِ وَالتَّطَيُّبُ وَالتَّزَيُّنُ لِقَاعِدٍ وَخَارِجٍ وَإِنْ غَيْرَ مُصَلٍّ مِنْ نِصْفِ لَيْلٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ التَّطَيُّبُ) هَلْ التَّطَيُّبُ وَمَا ذَكَرَ مَعَهُ مِنْ التَّزَيُّنِ. . إلَخْ هُنَا أَفْضَلُ مِنْهُ فِي الْجُمُعَةِ أَوْ هُوَ فِيهَا أَفْضَلُ أَوْ يَسْتَوِيَانِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ تَفْضِيلُ مَا هُنَا عَلَى الْجُمُعَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ طَلَبَ هُنَا أَعْلَى الثِّيَابِ قِيمَةً وَأَحْسَنَهَا مَنْظَرًا، وَلَمْ يَخْتَصَّ التَّزَيُّنُ فِيهِ بِمُرِيدِ الْحُضُورِ بَلْ طُلِبَ حَتَّى مِنْ النِّسَاءِ فِي بُيُوتِهِنَّ (قَوْلُهُ: وَالتَّزَيُّنُ) أَيْ تَزْيِينُهُ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: لَا فِي الْجُمُعَةِ) وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَكُونُ غَيْرُ الْبِيضِ أَفْضَلَ إذَا وَافَقَ يَوْمُ الْعِيدِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَقَدْ يُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُمْ إذَا خَرَجُوا لِلِاسْتِسْقَاءِ يَوْمَ الْعِيدِ خَرَجُوا بِثِيَابِ الْبِذْلَةِ، فَنَصُّوا عَلَى اسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الصُّورَةِ فَبَقِيَ مَا عَدَاهَا عَلَى عُمُومِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَهَذَا اسْتِثْنَاءُ مَعْنًى اهـ.
وَعِبَارَةُ سم عَلَى بَهْجَةٍ: لَوْ وَافَقَ الْعِيدُ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ الْأَفْضَلُ لُبْسَ أَحْسَنِ الثِّيَابِ إلَّا عِنْدَ حُضُورِ الْجُمُعَةِ فَالْأَبْيَضُ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ. لَكِنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَى حَجّ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ مَا نَصُّهُ: وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ يَوْمَ عِيدٍ فَهَلْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ أَوْ الْعِيدَ فَالْأَعْلَى، أَوْ يُرَاعِي الْجُمُعَةَ وَقْتَ إقَامَتِهَا فَيُقَدِّمُ الْأَبْيَضَ حِينَئِذٍ وَالْعِيدَ فِي بَقِيَّةِ الْيَوْمِ فَيُقَدِّمُ الْأَعْلَى فِيهَا؟ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْأَخِيرِ أَنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ فِي كُلِّ زَمَنٍ أَنَّهُ لَوْ رُوعِيَتْ الْجُمُعَةُ رُوعِيَتْ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ، وَقَدْ يَرْجَحُ مُرَاعَاةُ الْعِيدِ مُطْلَقًا، إذْ الزِّينَةُ فِيهِ آكَدُ مِنْهَا فِي الْجُمُعَةِ، وَلِهَذَا سُنَّ الْغُسْلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ لِكُلِّ أَحَدٍ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ (قَوْلُهُ أَمَّا الْإِنَاثُ فَيُكْرَهُ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَيَأْتِي فِي خُرُوجِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ إلَخْ.
وَقَوْلُهُ ذَاتُ الْجَمَالِ قَضِيَّتُهُ أَنَّ غَيْرَ الْجَمِيلَةِ تَحْضُرُ غَيْرَ مُتَزَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَتْ شَابَّةً، وَقَضِيَّةُ تَعْبِيرِ غَيْرِهِ بِشَابَّةٍ يُخْرِجُهُ (قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَبُّ إزَالَةُ الشَّعْرِ) أَيْ الَّذِي تُطْلَبُ إزَالَتُهُ كَالْعَانَةِ وَالْإِبِطِ: أَيْ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِبَدَنِهِ شَعْرٌ فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ إمْرَارُ الْمُوسَى
ــ
[حاشية الرشيدي]
قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدِ تَأْخِيرُ صَلَاتِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قَبْلَهُ كَافٍ فِي الْفَرْقِ، فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الْفَرْقِ وَجَعَلَ مَا بَعْدَهُ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: أَمَّا الْإِنَاثُ فَيُكْرَهُ حُضُورُ ذَاتِ الْجَمَالِ إلَخْ) هَذَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ الْمَارِّ آنِفًا، وَيَأْتِي فِي خُرُوجِ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ لَهَا جَمِيعُ مَا مَرَّ أَوَائِلَ الْجَمَاعَةِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ هُنَا تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ وَتُنَظِّفُ بِالْمَاءِ إلَخْ، وَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ هُنَا بِالذَّاتِ.