للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَفِيهِ إشَارَةٌ لِتَرْجِيحِهِ لَا سِيَّمَا أَنَّهُ صَحَّحَهُ فِي مَجْمُوعِهِ وَاخْتَارَهُ فِي تَصْحِيحِهِ.

وَقَالَ فِي الْأَذْكَارِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَفِي الرَّوْضَةِ إنَّهُ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ، وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ انْقِطَاعِ التَّكْبِيرِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ لَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ بِهِ انْقِضَاءُ وَقْتِ الْعَصْرِ، فَقَدْ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَالْغَزَالِيُّ فِي خُلَاصَتِهِ إنَّهُ يُكَبِّرُ عَقِبَ فَرْضِ الصُّبْحِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ نَهَارِ الثَّالِثَ عَشَرَ فِي أَكْمَلِ الْأَقْوَالِ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تُفْهِمُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ إلَى الْغُرُوبِ كَمَا قُلْنَاهُ، وَيَظْهَرُ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فِي الْقَضَاءِ بَعْدَ فِعْلِ الْعَصْرِ وَمَا يُفْعَلُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَسْبَابِ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الشَّخْصَ ذَكَرًا كَانَ أَمْ غَيْرَهُ حَاضِرًا كَانَ أَمْ مُسَافِرًا مُنْفَرِدًا أَمْ غَيْرَهُ (يُكَبِّرُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ لِلْفَائِتَةِ وَالرَّاتِبَةِ) وَالْمَنْذُورَةِ (وَالنَّافِلَةِ) تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ الْمُطْلَقَةُ وَالْمُقَيَّدَةُ وَذَاتُ السَّبَبِ كَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَالْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْوَقْتِ، وَلَا يَلْحَقُ بِذَلِكَ سُجُودُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ كَمَا اسْتَثْنَاهُمَا الْمَحَامِلِيُّ وَجَرَى عَلَيْهِ الشَّيْخُ فِي تَحْرِيرِهِ وَمُقَابِلُ الْأَظْهَرِ يُكَبِّرُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ خَاصَّةً مُؤَدَّاةً كَانَتْ أَمْ مَقْضِيَّةً مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ أَمْ مِنْ غَيْرِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ مَحْصُورَةٌ فَلَا يَشُقُّ طَلَبُ ذَلِكَ فِيهَا كَالْأَذَانِ فِي أَوَّلِ الْفَرَائِضِ وَالْأَذْكَارِ فِي آخِرِهَا، وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ عَمَّا لَوْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْهَا فَقَضَاهَا فِي غَيْرِهَا فَلَا يُكَبِّرُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ، بَلْ قَالَ: إنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ شِعَارُ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ عَمْدًا، أَوْ سَهْوًا عَقِبَ الصَّلَاةِ تَدَارَكَهُ وَإِنْ طَالَ الْفَصْلُ لِأَنَّهُ شِعَارُ الْأَيَّامِ لَا تَتِمَّةٌ لِلصَّلَاةِ، بِخِلَافِ سُجُودِ السَّهْوِ.

وَهَذَا كُلُّهُ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي يَرْفَعُ بِهِ صَوْتَهُ وَيَجْعَلُهُ شِعَارًا لِلْيَوْمِ، أَمَّا لَوْ اسْتَغْرَقَ عُمُرَهُ بِالتَّكْبِيرِ فِي نَفْسِهِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَقَرَّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَ رَأْيُ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي وَقْتِ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ تَبِعَ اعْتِقَادَ نَفْسِهِ.

(وَصِيغَتُهُ الْمَحْبُوبَةُ) أَيْ الْمَسْنُونَةُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) ثَلَاثًا فِي الْجَدِيدِ لِوُرُودِهِ عَنْ جَابِرٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِي الْقَدِيمِ يُكَبِّرُ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ) مَرَّتَيْنِ (وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَزِيدَ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ (كَبِيرًا) كَمَا فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ: أَيْ بِزِيَادَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ قَبْلَ كَبِيرًا (وَالْحَمْدُ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

وَهُوَ أَوَّلُ شَوَّالٍ فَهَلْ يُلَبِّي؛ لِأَنَّهَا شِعَارُ الْحَاجِّ أَوْ يُكَبِّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: كَمَا قُلْنَاهُ) لَكِنَّهَا تُفْهِمُ أَنَّهُ لَا يُكَبِّرُ بَعْدَ فَجْرِ عَرَفَةَ وَقَبْلَ فَرْضِ الصُّبْحِ، وَقَدْ نَقَلَ سم عَلَى مَنْهَجٍ خِلَافَهُ وَعِبَارَتُهُ الْوَجْهُ وِفَاقًا لِ م ر أَنَّهُ يَدْخُلُ وَقْتُ التَّكْبِيرِ بِفَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ الصُّبْحَ حَتَّى لَوْ صَلَّى فَائِتَةً مَثَلًا قَبْلَ الصُّبْحِ كَبَّرَ عَقِبَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ إلَّا بِالْغُرُوبِ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كَالذَّبْحِ اهـ.

(قَوْلُهُ: تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ) أَيْ ذِكْرُ النَّافِلَةِ بَعْدَ الرَّاتِبَةِ تَعْمِيمٌ بَعْدَ إلَخْ، وَقَوْلُهُ الْمُطْلَقَةُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ النَّافِلَةَ (قَوْلُهُ تَدَارَكَهُ) أَيْ فِيمَا بَقِيَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ اسْتَغْرَقَ عُمُرَهُ بِالتَّكْبِيرِ) أَيْ وَلَوْ بِالْهَيْئَةِ الْآتِيَةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ مَعَ مَا يَتَّصِلُ بِهَا حَجّ. يَعْنِي مِنْ قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ إلَخْ. قَالَ سم عَلَيْهِ: عِبَارَةُ الْعُبَابِ فَرْعُ صِفَةِ التَّكْبِيرَيْنِ: أَيْ الْمُرْسَلِ وَالْمُقَيَّدِ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثًا نَسَقًا، وَيَحْسُنُ أَنْ يَزِيدَ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ اهـ.

ثُمَّ قَالَ: وَيَتَحَصَّلُ حِينَئِذٍ أَنَّ صُورَةَ تَرْتِيبِ هَذَا التَّكْبِيرِ هَكَذَا: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ

ــ

[حاشية الرشيدي]

الْمَعْلُومِ أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَغَيْرِهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ التَّكْبِيرُ الْمَطْلُوبُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ: وَالْجِنَازَةُ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِ الْمَتْنِ لِلْفَائِتَةِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الثَّالِثَةِ) قَالَ فِي التُّحْفَةِ: أَيْ وَمَا بَعْدَهَا مِمَّا ذُكِرَ إنْ أَتَى بِهِ (قَوْلُهُ: بِزِيَادَةِ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا) هَذَا تَفْسِيرٌ لِأَصْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ كَبِيرًا وَلَيْسَ مُرَادُهُ الزِّيَادَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا لَمْ يَتَأَتَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>