للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَلَهَا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ كَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلِخُسُوفِ الْقَمَرِ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ؛ وَلِأَنَّهَا ذَاتُ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ لَا أَذَانَ لَهَا كَصَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ وَصَرَفَهُ عَنْ الْوُجُوبِ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ، وَقَوْلُ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا مَحْمُولٌ عَلَى الْكَرَاهَةِ، إذْ الْمَكْرُوهُ غَيْرُ جَائِزٍ جَوَازًا مُسْتَوِيَ الطَّرَفَيْنِ.

(فَيَحْرُمُ بِنِيَّةِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ) مَعَ تَعْيِينِ أَنَّهُ كُسُوفُ شَمْسٍ، أَوْ قَمَرٍ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ صَلَاةِ عِيدِ الْفِطْرِ أَوْ النَّحْرِ، وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ هُنَا لِنُدْرَةِ هَذِهِ الصَّلَاةِ وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (وَيَقْرَأُ) بَعْدَ الِافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ (الْفَاتِحَةَ وَيَرْكَعُ، ثُمَّ يَرْفَعُ) رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ (ثُمَّ يَعْتَدِلُ، ثُمَّ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ) ثَانِيًا (ثُمَّ يَرْكَعُ) ثَانِيًا أَقْصَرَ مِنْ الْأَوَّلِ (ثُمَّ يَعْتَدِلُ) ثَانِيًا قَائِلًا فِيهِمَا سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ فِي أَنَّهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ بَلْ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ اعْتِدَالًا، (ثُمَّ يَسْجُدُ) السَّجْدَتَيْنِ وَيَأْتِي بِالطُّمَأْنِينَةِ فِي مَحَالِّهَا (فَهَذِهِ رَكْعَةٌ، ثُمَّ يُصَلِّي) رَكْعَةً (ثَانِيَةً كَذَلِكَ) لِلِاتِّبَاعِ (وَلَا يَجُوزُ زِيَادَةُ رُكُوعٍ ثَالِثٍ) فَأَكْثَرَ (لِتَمَادِي) أَيْ طُولِ مُكْثِ (الْكُسُوفِ وَلَا نَقْصِهِ) أَيْ نَقْصِ رُكُوعٍ مِنْ الرُّكُوعَيْنِ الْمَنْوِيَّيْنِ (لِلِانْجِلَاءِ فِي الْأَصَحِّ) كَمَا فِي سَائِرِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ لَا يُزَادُ عَلَى أَرْكَانِهَا وَلَا يُنْقَصُ مِنْهَا، وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ذَلِكَ حَتَّى يَنْكَشِفَ مَا بِهِمْ إلَّا أَنَّ حَمْلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ التَّكْرَارِ مُنَافٍ لِمَا يَأْتِي أَنَّهَا لَا تُعَادُ إلَّا فِي جَمَاعَةٍ كَمَا فِي الْمَكْتُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحَادِيثِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَالصَّارِفُ عَنْ الْوُجُوبِ خَبَرُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ الشَّافِعِيِّ اهـ حَجّ وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: وَقَوْلُ إمَامِنَا لَا يَجُوزُ إلَخْ. وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ: وَحَمَلُوا قَوْلَ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا عَلَى كَرَاهَتِهِ لِتَأَكُّدِهَا لِيُوَافِقَ كَلَامَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ) فِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ الشَّيْخِ عَمِيرَةَ هَذِهِ مَسْأَلَةٌ مُكَرَّرَةٌ فِي الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ) أَيْ إلَى آخِرِ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ اهـ مَحَلِّيٌّ وحج. أَقُولُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامٍ غَيْرِ مَحْصُورَيْنِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يُرَدْ بِخُصُوصِهِ، بِخِلَافِ تَكْرِيرِ الرُّكُوعِ وَتَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَا الْمَأْمُومِينَ لِوُرُودِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَقُولُ ذَلِكَ فِي الرَّفْعِ الْأَوَّلِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ اعْتِدَالًا وَقَوْلُهُ بَلْ يَرْفَعُ مُكَبِّرًا. قَالَ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ: وَنَقَلَهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ النَّصِّ.

[فَرْعٌ] لَوْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَا يَعْرِفُ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي نَوَاهَا أَهِيَ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ أَمْ بِقِيَامَيْنِ وَرُكُوعَيْنِ فَيَحْتَمِلُ وَهُوَ الظَّاهِرُ عَدَمَ انْعِقَادِ صَلَاتِهِ لِتَرَدُّدِهِ فِي النِّيَّةِ حَالَةَ الْإِحْرَامِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَيَحْتَمِلُ انْعِقَادَهَا مُطْلَقَةً ثُمَّ يَنْظُرُ مَاذَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ فَيَتْبَعُهُ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ بَطَلَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ أَوْ اقْتَدَى بِهِ فِي التَّشَهُّدِ فَهَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ لِتَعَذُّرِ الْعِلْمِ بِمَا يَفْعَلُهُ أَوْ تَبْقَى عَلَى الصِّحَّةِ وَيَتَخَيَّرُ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَلَا يَبْعُدُ الثَّانِي هَذَا وَسَيَأْتِي عَنْ سم أَنَّ الْأَقْرَبَ صِحَّةُ النِّيَّةِ وَبُطْلَانُ صَلَاتِهِ إذَا بَطَلَتْ صَلَاةُ إمَامِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مَا نَوَاهُ.

[فَرْعٌ آخَرُ] لَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَهَا كَسُنَّةِ الظُّهْرِ تَعَيَّنَ فِعْلُهَا كَذَلِكَ.

[فَرْعٌ آخَرُ] لَوْ نَذَرَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَأَطْلَقَ فَهَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْكَامِلَةِ أَوْ الْأَقَلِّ أَوْ يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ مُطْلَقًا وَيَخْرُجُ مِنْ الْعُهْدَةِ بِكُلٍّ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ الثَّلَاثِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ الثَّالِثُ كَمَا لَوْ نَذَرَ صَدَقَةً أَوْ صَوْمًا أَوْ نَحْوَهُمَا فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي كُلٍّ عَنْ عُهْدَةِ النَّذْرِ بِأَقَلَّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ الِاسْمُ وَبِمَا زَادَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي سم عَلَى بَهْجَةٍ مَا نَصَّهُ: قَوْلُهُ إذَا شَرَعَ فِيهَا بِنِيَّةِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ، لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ إذَا أُطْلِقَ انْعَقَدَتْ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ

ــ

[حاشية الرشيدي]

وَلَا أَشْرَبُ، أَوْ قِيلَ لَهُ أَنْتَ فَعَلْت كَذَا لَا فَعَلْت وَلَا تَرَكْت وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ (قَوْلُهُ: وَصَرْفُهُ عَنْ الْوُجُوبِ مَا مَرَّ فِي الْعِيدِ) وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>