للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثَّلَاثِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يُغَسِّلَهُ بِسِدْرٍ، ثُمَّ مُزِيلٍ لَهُ وَهَكَذَا إلَى تَمَامِ سِتٍّ غَيْرِ مَحْسُوبَةٍ، ثُمَّ مَاءُ قَرَاحٍ ثَلَاثًا وَهَذِهِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ، وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ نَحْوَ السِّدْرِ مَا دَامَ الْمَاءُ يَتَغَيَّرُ بِهِ يَمْنَعُ الْحُسْبَانَ عَنْ الْغُسْلِ الْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ، وَعُلِمَ أَنَّ اقْتِصَارَ الْمُصَنِّفِ كَالرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْأَصْحَابِ عَلَى الْأَوْلَى مَحْمُولٌ عَلَى بَيَانِ أَقَلِّ الْكَمَالِ، وَاقْتِضَاءُ الْمَتْنِ اسْتِوَاءُ السِّدْرِ وَالْخِطْمِيُّ، يُنَازِعُهُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ: السِّدْرُ أَوْلَى لِلنَّصِّ؛ لِأَنَّهُ أَمْسَكُ لِلْبَدَنِ، إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الِاسْتِوَاءِ فِي أَصْلِ الْفَضِيلَةِ.

قِيلَ وَإِفْهَامُ الرَّوْضَةِ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا غَرِيبٌ، وَاسْتَحَبَّ الْمُزَنِيّ إعَادَةَ الْوُضُوءِ مَعَ كُلِّ غَسْلَةٍ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يُخَالِفُهُ (وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ يَجْعَلَ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ الَّتِي بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ (قَلِيلَ كَافُورٍ) وَفِي الْأَخِيرَةِ آكَدُ لِلْخَبَرِ الْآتِي وَلِتَقْوِيَةِ الْبَدَنِ وَدَفْعِهِ الْهَوَامَّ، وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ كَمَا فِي الْأُمِّ، وَخَرَجَ بِقَلِيلٍ الْكَثِيرُ بِحَيْثُ يَفْحُشُ التَّغَيُّرُ بِهِ فَإِنَّهُ يَسْلُبُ الْمَاءَ الطَّهُورِيَّةَ مَا لَمْ يَكُنْ صُلْبًا كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْمُحْرِمِ، أَمَّا هُوَ فَيَحْرُمُ وَضْعُ الْكَافُورِ فِي مَاءِ غُسْلِهِ، ثُمَّ بَعْدَ تَكْمِيلِ الْغُسْلِ تُلَيَّنُ لِلْمَيِّتِ مَفَاصِلُهُ، ثُمَّ يُنَشَّفُ تَنْشِيفًا بَلِيغًا لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ فَيُسْرِعُ إلَيْهِ الْفَسَادُ، وَلَا يَأْتِي فِي هَذَا التَّنْشِيفِ الْخِلَافُ الْمَارُّ فِي تَنْشِيفِ الْحَيِّ، وَالْأَصْلُ فِيمَا مَرَّ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِغَاسِلَاتِ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا، وَاغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا، أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلْنَ فِي الْأَخِيرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ مِنْهُنَّ وَمَشَطْنَاهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهَا خَلْفَهَا» وَقَوْلُهُ أَوْ خَمْسًا إلَى آخِرِهِ هُوَ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ فِي النَّظَافَةِ إلَى الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثِ مَعَ مُرَاعَاةِ الْوِتْرِ لَا التَّخْيِيرِ، وَقَوْلُهُ إنْ رَأَيْتُنَّ، أَيْ إنْ احْتَجْتُنَّ، وَكَافُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَمَشَطْنَا وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ: وَثَلَاثَةُ قُرُونٍ: أَيْ ضَفَائِرُ الْقَرْنَيْنِ وَالنَّاصِيَةِ

ــ

[حاشية الشبراملسي]

ضَبْطِهِ بِالْقَلَمِ، وَيُفْتَحُ: نَبَاتٌ مُحَلَّلٌ مُنْضِجٌ مُلَيِّنٌ نَافِعٌ لِعُسْرِ الْبَوْلِ وَالْحَصَا وَالنَّسَا، وَعِبَارَةُ الْمِصْبَاحِ: وَالْخِطْمِيُّ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَبِشَدِّ الْيَاءِ: غُسْلٌ مَعْرُوفٌ، فَقَوْلُهُ وَحُكِيَ ضَمُّهَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ، وَأَنَّ الْأَصْلَ وَحُكِيَ فَتْحُهَا لِيُوَافِقَ كَلَامَ هَؤُلَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا لُغَةٌ (قَوْلُهُ: وَفِيهِ نَظَرٌ) مُعْتَمَدٌ (قَوْلُهُ: بَعْدَ تَكْمِيلِ الْغُسْلِ) زَادَ حَجّ كَأَثْنَائِهِ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا تَبْتَلَّ أَكْفَانُهُ إلَخْ) زَادَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ مَا ذَكَرَ: وَبِهَذَا فَارَقَ غُسْلُ الْحَيِّ وَوُضُوءُهُ حَيْثُ اسْتَحَبُّوا تَرْكَ التَّنْشِيفِ فِيهِمَا اهـ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيمَا مَرَّ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) قَالَ حَجّ فِي شَرْحِ الشَّمَائِلِ قُبَيْلَ بَابِ مَا جَاءَ فِي فِرَاشِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وَفِيهِ «أَنَّهُ أَلْقَى إلَيْهِنَّ حِقْوَهُ: أَيْ إزَارَهُ، وَأَمَرَهُنَّ أَنْ يَجْعَلْنَهُ شِعَارَهَا الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا» اهـ. وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَخْذِ شَيْءٍ مِنْ آثَارِ الصَّالِحِينَ وَجَعَلَهُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: قَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ) اسْمُهَا نُسَيْبَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَفَتْحِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ السِّينِ، هِيَ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَقِيلَ بِنْتُ كَعْبٍ الْأَنْصَارِيَّةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - اهـ مِنْ جَامِعِ الْأُصُولِ لِابْنِ الْأَثِيرِ (قَوْلُهُ: وَكَافُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ الْبِرْمَاوِيَّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ حَيْثُ قَالَ بِكَسْرِ الْكَافِ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِلَّا لَقَالَ ذَلِكُنَّ اهـ. فَجَعَلَ الدَّلِيلَ عَلَى كَوْنِهِ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ مُجَرَّدُ الْعُدُولِ عَنْ الْجَمْعِ إلَى الْإِفْرَادِ، لَكِنْ قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ فِي الْمَصَابِيحِ: إنَّهُ مِمَّا قَامَتْ فِيهِ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ مَقَامَ ذَلِكُنَّ وَقَدْ مَرَّ مِثْلُهُ اهـ. وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْخِطَابَ لَيْسَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ وَحْدَهَا بَلْ لِجُمْلَةِ الْغَاسِلَاتِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ ضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي ابْدَأْنَ وَرَأَيْتُنَّ قَائِمًا مَقَامَ ضَمِيرِ الْوَاحِدَةِ فَيَكُونُ الْكُلُّ خِطَابًا لِأُمِّ عَطِيَّةَ لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْغَاسِلَاتِ مَقْصُودَةٌ بِالْأَمْرِ لِمُبَاشَرَتِهِنَّ، وَيَجُوزُ أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ هِيَ الَّتِي شَافَهَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَمْرِ فَأَقَامَهَا مَقَامَهُنَّ فِي الْخِطَابِ مَعَ كَوْنِهِ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْكُلِّ، وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَكَافُ ذَلِكَ بِالْكَسْرِ: أَيْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ كَمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْإِعْلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَضَفَرْنَا بِالتَّخْفِيفِ) لَعَلَّ حِكْمَةَ التَّعْبِيرِ بِالتَّخْفِيفِ أَنَّهُ الْوَاقِعُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ لَا يَنْبَغِي الْمُبَالَغَةُ فِي تَسْرِيحِهِ وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّشْدِيدُ فِيهِ لِلْمُبَالَغَةِ

ــ

[حاشية الرشيدي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>