فجعل النابغة تأريخه ما أرخ بزمان علة كانت فيهم عامة.
وقال آخر:
وما هي إلا في إزار وعلقة ... مغار ابن همام على حي خثعما
فكل واحد من هؤلاء الذين ذكرت تأريخهم في هذه الأبيات، أرخ على قرب زمان بعضهم من بعض، وقرب وقت ما أرخ به من وقت الآخر، بغير المعنى الذي أرخ به الآخر، ولو كان لهم تأريخ معروف كما للمسلمين اليوم ولسائر الأمم غيرها، كانوا إن شاء الله لا يتعدونه، ولكن الأمر في ذلك كان عندهم إن شاء الله على ما ذكرت، فأما قريش من بين العرب، فإن آخر ما حصلت من تأريخها قبل هجره النبي ص من مكة إلى المدينة على التأريخ بعام الفيل، وذلك عام ولد رسول الله ص، وكان بين عام الفيل والفجار عشرون سنة، وبين الفجار وبناء الكعبة خمس عشرة سنة، وبين بناء الكعبه ومبعث النبي ص خمس سنين.
قال أبو جعفر: وبعث رسول الله ص وهو ابن أربعين سنة، وقرن بنبوته- كما قال الشعبي- ثلاث سنين: إسرافيل، وذلك قبل أن يؤمر بالدعاء وإظهاره على ما قدمنا الرواية والإخبار به، ثم قرن بنبوته جبريل ع بعد السنين الثلاث، وأمره بإظهار الدعوة إلى الله، فأظهرها، ودعا إلى الله مقيما بمكة عشر سنين، ثم هاجر إلى المدينة في شهر ربيع الأول من سنة أربع عشرة من حين استنبئ، وكان خروجه من مكة إليها يوم الاثنين، وقدومه المدينة يوم الاثنين، لمضي اثنتي عشرة ليلة من شهر ربيع الاول