قال: ثم رجع رسول الله ص إلى المدينة، ولم يلق كيدا، فأقام بها بَقِيَّةَ صَفَرٍ وَصَدْرًا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ.
وَبَعَثَ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ عُبَيْدَةَ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ فِي ثَمَانِينَ أَوْ سِتِّينَ رَاكِبًا من المهاجرين، ليس فيهم من الأنصار أحد، حَتَّى بَلَغَ أَحْيَاءَ مَاءٍ بِالْحِجَازِ بِأَسْفَلِ ثَنِيَّةِ الْمَرَّةِ، فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا عَظِيمًا مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ، إِلَّا أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ قَدْ رَمَى يَوْمَئِذٍ بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلَ سَهْمٍ رُمِيَ بِهِ فِي الإِسْلَامِ.
ثُمَّ انْصَرَفَ الْقَوْمُ عَنِ الْقَوْمِ وَلِلْمُسْلِمِينَ حَامِيةٌ، وَفَرَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ الْمِقْدَادُ بْنُ عَمْرٍو الْبَهْرَانِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ، وَعُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ بْنِ جَابِرٍ حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ- وَكَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَلَكِنَّهُمَا خَرَجَا يَتَوَصَلانِ بِالْكُفَّارِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ- وَكَانَ عَلَى ذَلِكَ الْجَمْعِ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ.
قَالَ مُحَمَّدٌ: فَكَانَتْ رَايَةُ عُبَيْدَةَ- فِيمَا بَلَغَنِي- أَوَّلَ رَايَةٍ عَقَدَهَا رسول الله ص فِي الإِسْلامِ لأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَحَدَّثَنَا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، قال: حدثني محمد بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: وَبَعْضُ الْعُلَمَاءِ يَزْعُمُ أَنَّ رسول الله ص كَانَ بَعَثَهُ حِينَ أَقْبَلَ مِنْ غَزْوَةِ الأَبْوَاءِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ قَالَ:
وَبَعَثَ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى سَيْفِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْعِيصِ فِي ثَلَاثِينَ رَاكِبًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ جُهَيْنَةَ لَيْسَ فِيهِمْ مِنَ الأَنْصَارِ أَحَدٌ، فَلَقِيَ أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ بِذَلِكَ السَّاحِلِ فِي ثلاثمائة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute