للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ عَهِدَ قُرَيْشًا لا تَعْتَرِضُ لأَحَدٍ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا إِلَّا بِخَيْرٍ، فَعَدَا عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فَحَبَسَهُ بِمَكَّةَ بِابْنِهِ عَمْرِو بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ:

أَرَهْطَ ابْنِ أَكَّالٍ أَجِيبُوا دُعَاءَهُ ... تَعَاقَدْتُمْ لا تُسَلِّمُوا السَّيِّدَ الْكَهْلَا

فَإِنَّ بَنِي عَمْرٍو لِئَامٌ أَذِلَّةٌ ... لِئَنْ لَمْ يَفُكُّوا عَنْ أَسِيرِهِمُ الْكَبْلَا

قَالَ: فَمَشَى بَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ إِلَى رسول الله ص، فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُ، وَسَأَلُوهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ عَمْرَو بْنَ أَبِي سُفْيَانَ فَيَفُكُّوا شَيْخَهُمْ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ص، فَبَعَثُوا بِهِ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَخَلَّى سَبِيلَ سَعْدٍ.

قَالَ: وَكَانَ فِي الأُسَارَى أَبُو الْعَاصِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ شمس ختن رسول الله ص، زَوْجُ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ، وَكَانَ أَبُو الْعَاصِ مِنْ رِجَالِ مَكَّةَ الْمَعْدُودِينَ مَالًا وَأَمَانَةً وَتِجَارَةً، وَكَانَ لِهَالَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ وَكَانَتْ خَدِيجَةُ خَالَتَهُ، فَسَأَلَتْ خديجه رسول الله ص ان يزوجه، وكان رسول الله ص لا يُخَالِفُهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِ، فَزَوَّجَهُ، فَكَانَتْ تُعِدُّهُ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهَا، فَلَمَّا أَكْرَمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ بِنُبُوَّتِهِ آمَنَتْ بِهِ خَدِيجَةُ وَبَنَاتُهُ، فَصَدَّقْنَهُ وَشَهِدْنَ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ، وَدِنَّ بِدِينِهِ، وَثَبَتَ أَبُو العاص على شركه.

وكان رسول الله ص قَدْ زَوَّجَ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي لَهَبٍ إِحْدَى ابْنَتَيْهِ رُقَيَّةَ أَوْ أُمَّ كُلْثُومٍ، فَلَمَّا بَادَى قُرَيْشًا بِأَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَاعَدُوهُ، قَالُوا: إِنَّكُمْ قَدْ فَرَغْتُمْ مُحَمَّدًا مِنْ هَمِّهِ، فَرُدُّوا عَلَيْهِ بَنَاتِهِ، فَاشْغِلُوهُ بِهِنَّ، فَمَشَوْا إِلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ، فَقَالُوا لَهُ: فَارِقْ صَاحِبَتَكَ، ونحن

<<  <  ج: ص:  >  >>