للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخَرَجُوا فِي طَلَبِهَا حَتَّى أَدْرَكُوهَا بِذِي طُوًى، فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ سَبَقَ إِلَيْهَا هَبَّارُ بْنُ الأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَنَافِعُ بْنُ عَبْدِ الْقَيْسِ، وَالْفِهْرِيُّ فَرَوَّعَهَا هَبَّارُ بِالرُّمْحِ وَهِيَ فِي هَوْدَجِهَا- وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ حَامِلا، فِيمَا يَزْعُمُونَ- فَلَمَّا رَجَعَتْ طَرَحَتْ ذَا بَطْنِهَا، وَبَرَكَ حَمُوهَا، وَنَثَرَ كِنَانَتَهُ ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ لا يَدْنُو مِنِّي رَجُلٌ إِلا وَضَعْتُ فِيهِ سَهْمًا، فَتَكَرْكَرَ النَّاسُ عَنْهُ، وَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فِي جُلَّةِ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، كُفَّ عَنَّا نَبْلَكَ حَتَّى نُكَلِّمَكَ، فَكَفَّ فَأَقْبَلَ أَبُو سُفْيَانَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: إِنَّكَ لَمْ تُصِبْ، خَرَجْتَ بِالْمَرْأَةِ عَلَى رُءُوسِ الرِّجَالِ علانية، وَقَدْ عَرَفْتَ مُصِيبَتَنَا وَنَكْبَتَنَا وَمَا دَخَلَ عَلَيْنَا مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَظُنُّ النَّاسُ إِذَا خُرِجَ بِابْنَتِهِ علانية من بين أظهرنا ان ذلك عن ذُلٍّ أَصَابَنَا عَنْ مُصِيبَتِنَا، وَنَكْبَتِنَا الَّتِي كَانَتْ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنَّا ضَعْفٌ وَوَهَنٌ، لَعَمْرِي مَا لَنَا حَاجَةٌ فِي حَبْسِهَا عَنْ أَبِيهَا، وَمَا لَنَا فِي ذَلِكَ مِنْ ثُؤْرَةٍ، وَلَكِنْ أَرْجِعِ الْمَرْأَةَ، فَإِذَا هَدَأَ الصَّوْتُ، وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّا قَدْ رَدَدْنَاهَا، فَسُلَّهَا سِرًّا فَأَلْحِقْهَا بِأَبِيهَا فَفَعَلَ حَتَّى إِذَا هَدَأَ الصَّوْتُ خَرَجَ بِهَا لَيْلا، حَتَّى أَسْلَمَهَا إِلَى زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَصَاحِبَهُ، فقدما بها على رسول الله ص.

قَالَ: فَأَقَامَ أَبُو الْعَاصِ بِمَكَّةَ، وَأَقَامَتْ زَيْنَبُ عند رسول الله ص بِالْمَدِينَةِ، قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الإِسْلامُ، حَتَّى إِذَا كَانَ قُبَيْلُ الْفَتْحِ خَرَجَ تَاجِرًا إِلَى الشَّامِ- وَكَانَ رَجُلا مَأْمُونًا بِمَالٍ لَهُ، وَأَمْوَالِ رِجَالٍ من قريش ابضعوها معه- فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ تِجَارَتِهِ- وَأَقْبَلَ قَافِلا، لَقِيَتْهُ سريه لرسول الله ص، فَأَصَابُوا مَا مَعَهُ، وَأَعْجَزَهُمْ هَرَبًا، فَلَمَّا قَدِمَتِ السَّرِيَّةُ بِمَا أَصَابُوا مِنْ مَالِهِ، أَقْبَلَ أَبُو الْعَاصِ تَحْتَ اللَّيْلِ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بنت رسول الله

<<  <  ج: ص:  >  >>