للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكونوا لنا عضدا فقال رسول الله ص: ما ترى يا بن الْخَطَّابِ؟ قَالَ: قُلْتُ: لا وَاللَّهِ، مَا أَرَى الَّذِي رَأَى أَبُو بَكْرٍ، وَلَكِنِّي أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ فُلانٍ فَأَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ أَخٍ لَهُ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبُ عُنُقَهُ، حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنْ لَيْسَ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْكُفَّارِ، هَؤُلاءِ صَنَادِيدُهُمْ وَقَادَتُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ.

قَالَ: فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ، وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ أَنَا، فَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ، فَلَمَّا كَانَ الغد قال عمر: غدوت الى النبي ص وَهُوَ قَاعِدٌ وَأَبُو بَكْرٍ، وَإِذَا هُمَا يَبْكِيَانِ، قَالَ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ؟ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بَكَيْتُ، وَإِنْ لَمْ أَجِدْ تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا فَقَالَ رَسُولُ الله ص: لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنَ الْفِدَاءِ لَقَدْ عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ- لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ- وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «مَا كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ» إِلَى قَوْلِهِ: «فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» ، ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمَ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْقَابِلِ فِي أُحُدٍ عُوقِبُوا بِمَا صَنَعُوا، قتل من اصحاب رسول الله ص سَبْعُونَ، وَأُسِرَ سَبْعُونَ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ وَهُشِّمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ، وَفَرَّ اصحاب النبي ص، وَصَعَدُوا الْجَبَلَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذِهِ الآيَةَ:

«أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا» إِلَى قَوْلِهِ:

«إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ، وَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ الأُخْرَى:

«إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ» الى قوله: «مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً»

<<  <  ج: ص:  >  >>