عَتِيكٍ: اجْلِسُوا مَكَانَكُمْ، فَإِنِّي أَنْطَلِقُ وَأَتَلَطَّفُ لِلْبَوَّابِ، لَعَلِّي أَدْخُلُ! قَالَ:
فَأَقْبَلَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الْبَابِ، تَقَنَّعَ بِثَوْبِهِ، كَأَنَّهُ يَقْضِي حَاجَةً، وَقَدْ دَخَلَ النَّاسُ، فَهَتَفَ بِهِ الْبَوَّابُ يَا عَبْدَ اللَّهِ، إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَدْخُلَ فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُغْلِقَ الْبَابَ قَالَ: فَدَخَلْتُ فَكَمَنْتُ تَحْتَ آرِيِّ حِمَارٍ، فَلَمَّا دَخَلَ النَّاسُ أَغْلَقَ الْبَابَ ثُمَّ عَلَّقَ الأَقَالِيدَ عَلَى وَدٍّ قَالَ:
فَقُمْتُ إِلَى الأَقَالِيدِ فَأَخَذْتُهَا، فَفَتَحْتُ الْبَابَ، وَكَانَ أَبُو رَافِعٍ يَسْمُرُ عِنْدَهُ فِي عَلَالِيٍّ، فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْهُ أَهْلُ سَمَرِهِ، فَصَعِدْتُ إِلَيْهِ فَجَعَلْتُ كُلَّمَا فَتَحْتُ بَابًا أَغْلَقْتُهُ عَلَيَّ مِنْ دَاخِلٍ قُلْتُ: إِنَّ الْقَوْمَ نَذَرُوا بِي لَمْ يَخْلُصُوا إِلَيَّ حَتَّى أَقْتُلَهُ قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا هُوَ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ وَسَطَ عِيَالِهِ، لا أَدْرِي أَيْنَ هُوَ مِنَ الْبَيْتِ! قُلْتُ: أَبَا رَافِعٍ! قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ:
فَأَهْوَيْتُ نَحْوَ الصَّوْتِ، فَأَضْرِبُهُ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ، وَأَنَا دهش فما اغنى شَيْئًا وَصَاحَ، فَخَرَجْتُ مِنَ الْبَيْتِ وَمَكَثْتُ غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ دَخَلْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا الصَّوْتُ يَا أَبَا رَافِعٍ؟ قَالَ: لأُمِّكَ الْوَيْلُ! إِنَّ رَجُلًا فِي الْبَيْتِ ضَرَبَنِي قَبْلُ بِالسَّيْفِ، قَالَ: فَاضْرِبْهُ فَأَثْخِنْهُ وَلَمْ أَقْتُلْهُ قَالَ: ثُمَّ وَضَعْتُ ضَبِيبَ السَّيْفِ فِي بَطْنِهِ، حَتَّى أَخْرَجْتُهُ مِنْ ظَهْرِهِ، فَعَرَفْتُ أَنِّي قَدْ قَتَلْتُهُ، فَجَعَلْتُ أَفْتَحَ الأَبْوَابَ بَابًا فَبَابًا، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ، فَوَضَعْتُ رِجْلِي، وَأَنَا أَرَى أَنِّي انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ، فَوَقَعْتُ فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِي، قَالَ: فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَتِي، ثُمَّ إِنِّي انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عِنْدَ الْبَابِ، فَقُلْتُ.
وَاللَّهِ لا أَبْرَحُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ: أَقَتَلْتُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ: فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ، قَامَ النَّاعِي عَلَيْهِ عَلَى السُّورِ، فَقَالَ: أنْعى أَبَا رَافِعٍ رَبَّاحَ أَهْلِ الْحِجَازِ! قَالَ:
فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِي، فَقُلْتُ: النَّجَاءَ! قَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ، فَانْتَهَيْتُ الى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute