لرسول الله ص، مَعَهُ خَمْسُونَ غُلَامًا مِنَ الأَوْسِ، مِنْهُمْ عُثْمَانُ ابن حَنِيفٍ- وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: كَانُوا خَمْسَةَ عَشَرَ- فَكَانَ يَعِدُ قُرَيْشًا أَنْ لَوْ قَدْ لَقِيَ مُحَمَّدًا لَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ رَجُلانِ، فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيَهُمْ أَبُو عَامِرٍ فِي الأَحَابِيشِ وَعُبْدَانِ أَهْلِ مَكَّةَ، فَنَادَى:
يَا مَعْشَرَ الأَوْسِ، أَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالُوا: فَلا أَنْعَمَ اللَّهُ بِكَ عَيْنًا يَا فَاسِقُ- وَكَانَ أَبُو عَامِرٍ يُسَمَّى فِي الْجَاهِلِيَّةِ الرَّاهِبَ، فسماه رسول الله ص الْفَاسِقَ- فَلَمَّا سَمِعَ رَدَّهُمْ عَلَيْهِ، قَالَ: لَقَدْ أَصَابَ قَوْمِي بَعْدِي شَرٌّ ثُمَّ قَاتَلَهُمْ قِتَالًا شديدا، ثم ارضخهم بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لأَصْحَابِ اللِّوَاءِ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يُحَرِّضُهُمْ بِذَلِكَ عَلَى الْقِتَالِ: يَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، إِنَّكُمْ وُلِّيتُمْ لِوَاءَنَا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأَصَابَنَا مَا قَدْ رَأَيْتُمْ، وَإِنَّمَا يُؤْتَى النَّاسُ مِنْ قِبَلِ رَايَاتِهِمْ، إِذَا زَالَتْ زَالُوا، فَإِمَّا أَنْ تَكْفُونَا لِوَاءَنَا، وَإِمَّا أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ فَسَنَكْفِيكُمُوهُ فَهَمُّوا بِهِ وَتَوَاعَدُوهُ، وَقَالُوا: نَحْنُ نُسْلِمُ إِلَيْكَ لِوَاءَنَا، سَتَعْلَمُ غَدًا إِذَا الْتَقَيْنَا كَيْفَ نَصْنَعُ! وَذَلِكَ الَّذِي أَرَادَ أَبُو سُفْيَانَ فَلَمَّا الْتَقَى النَّاسُ، وَدَنَا بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، قَامَتْ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ فِي النِّسْوَةِ اللَّوَاتِي مَعَها.
وَأَخَذْنَ الدُّفُوفَ يَضْرِبْنَ خَلْفَ الرِّجَالِ وَيُحَرِّضْنَهُمْ، فَقَالَتْ هِنْدٌ فِيمَا تَقُولُ:
إِنْ تُقْبِلُوا نُعَانِقْ ... وَنَفْرِشِ النَّمَارِقْ
أَوْ تُدْبِرُوا نُفَارِقْ ... فِرَاقَ غَيْرِ وَامِقْ
وَتَقُولُ:
وَيْهَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ! ... وَيْهَا حُمَاةَ الأَدْبَارِ!
ضَرْبًا بِكُلِّ بتار
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute