للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ! فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ ثَلاثُونَ رَجُلا، فَجَعَلُوا يَسِيرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَلَمْ يَقِفْ أَحَدٌ إِلا طَلْحَةَ وَسَهْلَ بْنَ حَنِيفٍ، فَحَمَاهُ طَلْحَةُ، فَرُمِيَ بِسَهْمٍ فِي يَدِهِ فَيَبِسَتْ يَدُهُ، وَأَقْبَلَ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، وَقَدْ حَلَفَ لَيَقْتُلَنَّ النبي ص، فَقَالَ: بَلْ أَنَا أَقْتُلُهُ، فَقَالَ: يَا كَذَّابُ، اين تفر! فحمل عليه فطعنه النبي ص فِي جَيْبِ الدِّرْعِ، فَجُرِحَ جُرْحًا خَفِيفًا، فَوَقَعَ يَخُورُ خُوَارَ الثَّوْرِ، فَاحْتَمَلُوهُ، وَقَالُوا:

لَيْسَ بِكَ جِرَاحَةٌ، فَمَا يُجْزِعُكَ؟ قَالَ: أَلَيْسَ قَالَ: لأَقْتُلَنَّكَ! لَوْ كَانَتْ بِجَمِيعِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ لَقَتَلَتْهُمْ! فَلَمْ يَلْبَثْ إِلا يَوْمًا أَوْ بَعْضُ يَوْمٍ حَتَّى مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ.

وَفَشَا فِي النَّاسِ ان رسول الله ص قَدْ قُتِلَ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ الصَّخْرَةِ: لَيْتَ لَنَا رَسُولا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ، فَيَأْخُذُ لَنَا أَمَنَةً مِنْ أَبِي سُفْيَانَ! يَا قَوْمُ إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَارْجِعُوا إِلَى قَوْمِكُمْ قَبْلَ أَنْ يَأْتُوكُمْ فَيَقْتُلُوكُمْ.

قَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: يَا قَوْمُ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ قَدْ قُتِلَ، فَإِنَّ رَبَّ مُحَمَّدٍ لَمْ يُقْتَلْ فَقَاتِلُوا عَلَى مَا قَاتَلَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا يَقُولُ هَؤُلاءِ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلاءِ! ثُمَّ شَدَّ بِسَيْفِهِ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَدْعُو النَّاسَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى أَصْحَابِ الصَّخْرَةِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ وَضَعَ رَجُلٌ سَهْمًا فِي قَوْسِهِ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْمِيَهُ فَقَالَ: أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله ص حيا، وفرح رسول الله ص حِينَ رَأَى أَنَّ فِي أَصْحَابِهِ مَنْ يَمْتَنِعُ به، فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله ص ذَهَبَ عَنْهُمُ الْحَزَنُ، فَأَقْبَلُوا يَذْكُرُونَ الْفَتْحَ، وَمَا فَاتَهُمْ مِنْهُ، وَيَذْكُرُونَ أَصْحَابَهُمُ الَّذِينَ قُتِلُوا، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ قُتِلَ، فَارْجِعُوا إِلَى قَوْمِكُمْ: «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>