نُرِيدُ أَنْ نُصِيبَ بِكُمْ شَيْئًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَلَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ أَلا نَقْتُلَكُمْ.
فاما مَرْثَدٍ وَخَالِدُ بْنُ الْبُكَيْرِ وَعَاصِمُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ أَبِي الأَقْلَحِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لا نَقْبَلُ مِنْ مُشْرِكٍ عَهْدًا وَلا عَقْدًا أَبَدًا، فَقَاتَلُوهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُمْ جَمِيعًا.
وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ وَخُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ فَلانُوا وَرَقُّوا وَرَغِبُوا فِي الْحَيَاةِ، فَأَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ، فَأَسَرُوهُمْ، ثُمَّ خَرَجُوا بِهِمْ إِلَى مَكَّةَ لِيَبِيعُوهُمْ بِهَا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالظَّهْرَانِ، انْتَزَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَارِقٍ يَدَهُ مِنَ الْقرانِ، ثُمَّ أَخَذَ سَيْفَهُ وَاسْتَأْخَرَ عَنْهُ الْقَوْمُ، فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى قَتَلُوهُ، فَقَبْرُهُ بِالظِّهْرَانِ وَأَمَّا خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، فَقَدِمُوا بِهِمَا مَكَّةَ، فَبَاعُوهُمَا فَابْتَاعَ خُبَيْبًا حُجَيْرُ بْنُ أَبِي إِهَابٍ التَّمِيمِيُّ حَلِيفُ بَنِي نَوْفَلٍ لِعُقْبَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ- وَكَانَ حُجَيْرٌ أَخَا الْحَارِثِ بْنِ عَامِرٍ لأُمِّهِ- لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ، وَأَمَّا زَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ، فَابْتَاعَهُ صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ لِيَقْتُلَهُ بِأَبِيهِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلُ حِينَ قُتِلَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ قَدْ أَرَادُوا رَأْسَهُ لِيَبِيعُوهُ مِنْ سُلافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شُهَيْدٍ، وَكَانَتْ قَدْ نَذَرَتْ حِينَ أَصَابَ ابْنَهَا يَوْمَ أُحُدٍ: لَئِنْ قَدِرَتْ عَلَى رَأْسِ عَاصِمٍ لَتَشْرَبَنَّ فِي قِحْفِهِ الْخَمْرَ، فَمَنَعَتْهُ الدَّبْرُ فَلَمَّا حَالَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ، قَالُوا: دَعوه حَتَّى يُمْسِيَ فَتَذْهَبَ عَنْهُ، فَنَأْخُذَهُ، فَبَعَثَ اللَّهُ الْوَادِيَ فَاحْتَمَلَ عَاصِمًا فَذَهَبَ بِهِ، وَكَانَ عَاصِمٌ قَدْ اعطى الله عهدا الا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ أَبَدًا وَلا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا، تَنَجُّسًا مِنْهُ فَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ حِينَ بَلَغَهُ، أَنَّ الدَّبْرَ مَنَعَتْهُ: عَجَبًا، لِحِفْظِ الله العبد المؤمن! كان عاصم نذر الا يَمَسَّهُ مُشْرِكٌ، وَلا يَمَسَّ مُشْرِكًا أَبَدًا فِي حَيَاتِهِ، فَمَنَعَهُ اللَّهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ كَمَا امْتَنَعَ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute