للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاللَّهِ لِئَنْ رَآنَا لَيُعْلِمَنَّ بِنَا أَهْلَ مَكَّةَ قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَيْهِ فَوَجَأْتُهُ بِالْخِنْجَرِ تَحْتَ الثَّدْيِ، فَصَاحَ صَيْحَةً أَسْمَعَ أَهْلَ مَكَّةَ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ، وَرَجَعْتُ إِلَى مَكَانِي، فَدَخَلْتُ فِيهِ، وَقُلْتُ لِصَاحِبِي: مَكَانَكَ! قَالَ: وَاتَّبَعَ أَهْلُ مَكَّةَ الصَّوْتَ يَشْتَدُّونَ، فَوَجَدُوهُ وَبِهِ رَمَقٌ، فَقَالُوا: وَيْلَكَ مَنْ ضَرَبَكَ! قَالَ:

عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ: ثُمَّ مَاتَ وَمَا أَدْرَكُوا مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِمَكَانِنَا، فَقَالُوا:

وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ لِخَيْرٍ، وَشَغَلَهُمْ صَاحِبُهُمْ عَنْ طَلَبِنَا، فَاحْتَمَلُوهُ، وَمَكَثْنَا فِي الْغَارِ يَوْمَيْنِ حَتَّى سَكَنَ عَنَّا الطَّلَبُ ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَى التَّنْعِيمِ، فَإِذَا خَشَبَةُ خُبَيْبٍ، فَقَالَ لِي صَاحِبِي: هَلْ لَكَ فِي خُبَيْبٍ تُنْزِلُهُ عَنْ خَشَبَتِهِ؟

فَقُلْتُ: أَيْنَ هُوَ؟ قَالَ: هُوَ ذَاكَ حَيْثُ تَرَى فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَأَمْهِلْنِي وَتَنَحَّ عَنِّي قَالَ: وَحَوْلَهُ حَرَسٌ يَحْرُسُونَهُ قَالَ عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ: فَقُلْتُ لِلأَنْصَارِيِّ:

إِنْ خَشِيتَ شَيْئًا فَخُذِ الطَّرِيقَ إِلَى جَمَلِكَ فَارْكَبْهُ وَالْحَقْ بِرَسُولِ الله ص، فَأَخْبِرْهُ الْخَبَرَ، فَاشْتَدَدْتُ إِلَى خَشَبَتِهِ فَاحْتَلَلْتُهُ وَاحْتَمَلْتُهُ على ظهري، فو الله مَا مَشِيتُ إِلا نَحْوَ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا حَتَّى نَذِرُوا بِي، فَطَرَحْتُهُ، فَمَا أَنْسَى وَجبتَهُ حِينَ سَقَطَ، فَاشْتَدُّوا فِي أَثَرِي، فَأَخَذْتُ طَرِيقَ الصَّفْرَاءِ فَأُعْيُوا، فَرَجَعُوا، وَانْطَلَقَ صَاحِبِي إِلَى بَعِيرِهِ فَرَكِبَهُ، ثم اتى النبي ص فَأَخْبَرَهُ أَمْرَنَا، وَأَقْبَلْتُ أَمْشِي، حَتَّى إِذَا أَشْرَفْتُ عَلَى الْغَلِيلِ، غَلِيلِ ضَجْنَانَ، دَخَلْتُ غَارًا فِيهِ، وَمَعِي قَوْسِي وَأَسْهُمِي، فَبَيْنَا أَنَا فِيهِ إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مِنْ بَنِي الدِّيلِ بْنِ بَكْرٍ، أَعْوَرُ طَوِيلٌ يَسُوقُ غَنَمًا لَهُ، فَقَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، قَالَ: وَأَنَا مِنْ بَنِي بَكْرٍ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي الدِّيلِ ثُمَّ اضْطَجَعَ مَعِي فِيهِ، فَرَفَعَ عَقِيرَتَهُ يَتَغَنَّى وَيَقُولُ:

وَلَسْتُ بِمُسْلِمٍ مَا دُمْتُ حَيًّا ... وَلَسْتُ أَدِينُ دِينَ الْمُسْلِمِينَا

فَقُلْتُ: سَوْفَ تَعْلَمُ! فَلَمْ يَلْبَثِ الأَعْرَابِيُّ أَنْ نَامَ وَغَطَّ، فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقَتَلْتُهُ أَسْوَأَ قِتْلَةٍ قَتَلَهَا أَحَدٌ أَحَدًا، قُمْتُ إِلَيْهِ فَجَعَلْتُ سِيَةَ قَوْسِي فِي عَيْنِهِ الصَّحِيحَةِ، ثُمَّ تَحَامَلْتُ عَلَيْهَا حَتَّى أَخْرَجْتُهَا مِنْ قَفَاهُ.

قَالَ: ثُمَّ أَخْرَجَ مِثْلَ السَّبُعِ، وَأَخَذْتُ الْمَحَجَّةَ كَأَنِّي نَسْرٌ، وَكَانَ النَّجَاءُ حَتَّى أَخْرُجَ عَلَى بَلَدٍ قَدْ وَصَفَهُ، ثُمَّ عَلَى رَكُوبَةٍ، ثُمَّ عَلَى النَّقِيعِ، فَإِذَا رَجُلانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>