عَلَيْكُمْ خِلالا ثَلاثًا فَخُذُوا أَيَّهَا شِئْتُمْ! قَالُوا: وما هن؟ قال: نتابع هذا الرجل ونصدقه، فو الله لَقَدْ كَانَ تَبَيَّنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّهُ لَلَّذِي كُنْتُمْ تَجِدُونَهُ فِي كِتَابِكُمْ، فَتَأْمَنُوا عَلَى دِمَائِكُمْ وَأَمْوَالِكِمْ وَأَبْنَائِكُمْ وَنِسَائِكُمْ، قَالُوا: لا نُفَارِقُ حُكْمَ التَّوْرَاةِ أَبَدًا، وَلا نَسْتَبْدِلُ بِهِ غيره قال: فإذ أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ فَهَلُمَّ فَلْنَقْتُلْ أَبْنَاءَنَا وَنِسَاءَنَا، ثُمَّ نَخْرُجْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ رِجَالا مُصَلِّتِينَ السيوف، وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا ثِقَلا يُهِمُّنَا، حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ، فَإِنْ نَهْلِكْ نَهْلِكْ وَلَمْ نَتْرُكْ وَرَاءَنَا شَيْئًا نَخْشَى عَلَيْهِ، وَإِنْ نَظْهَرْ فَلَعَمْرِي لَنَجِدَنَّ النِّسَاءَ وَالأَبْنَاءَ قَالُوا: نَقْتُلُ هَؤُلاءِ الْمَسَاكِينَ، فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَهُمْ! قَالَ: فإذ أَبَيْتُمْ هَذِهِ عَلَيَّ فَإِنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ السَّبْتِ، وَإِنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ قَدْ أَمِنُوا فِيهَا، فَانْزِلُوا لَعَلَّنَا نُصِيبُ مِنْ مُحَمَّدٍ واصحابه غره قالوا: نفسد سبتنا، وَنُحْدِثُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ فِيهِ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا، إِلا مَنْ قَدْ عَلِمْتَ فَأَصَابَهُ مِنَ الْمَسْخِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ.
قَالَ: مَا بَاتَ رَجُلٌ مِنْكُمْ مُنْذُ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ لَيْلَةً وَاحِدَةً مِنَ الدَّهْرِ حَازِمًا.
قَالَ: ثم انهم بعثوا الى رسول الله ص: أَنِ ابْعَثْ إِلَيْنَا أَبَا لَبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ، أَخَا بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ- وَكَانُوا حُلَفَاءَ الأَوْسِ- نَسْتَشِيرُهُ فِي أَمْرِنَا، فَأَرْسَلَهُ رَسُولُ الله ص إِلَيْهِمْ فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامَ إِلَيْهِ الرِّجَالُ، وَبَهَشَ إِلَيْهِ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ يَبْكُونَ فِي وَجْهِهِ، فَرَقَّ لَهُمْ وَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا لُبَابَةَ، أَتَرَى أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ مُحَمَّدٍ! قَالَ: نَعَمْ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ: إِنَّهُ الذَّبْحُ، قَالَ ابو لبابه: فو الله مَا زَالَتْ قَدَمَايَ حَتَّى عَرَفْتُ أَنِّي خُنْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
ثُمَّ انْطَلَقَ أَبُو لُبَابَةَ عَلَى وجهه، ولم يأت رسول الله ص
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute