للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَا بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ بِسَبَايَا مِنْ سَبَايَا بَنِي قُرَيْظَةَ إِلَى نَجْدٍ، فَابْتَاعَ لَهُ بِهِمْ خيلا وسلاحا، وكان رسول الله ص قَدِ اصْطَفَى لِنَفْسِهِ مِنْ نِسَائِهِمْ رَيْحَانَةَ بِنْتَ عمرو بن خنافه إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، فَكَانَتْ عند رسول الله ص حَتَّى تُوُفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَقَدْ كان رسول الله ص عَرَضَ عَلَيْهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَيَضْرِبَ عَلَيْهَا الْحِجَابَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلْ تَتْرُكَنِي فِي مِلْكِكَ فَهُوَ أَخَفُّ عَلَيَّ وَعَلَيْكَ فَتَرَكَهَا، وَقَدْ كانت حين سباها رسول الله ص قَدْ تَعَصَّتْ بِالإِسْلامِ، وَأَبَتْ إِلا الْيَهُودِيَّةَ، فَعَزَلَهَا رسول الله ص وَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ لِذَلِكَ مِنْ أَمْرِهَا، فَبَيْنَا هُوَ مَعَ أَصْحَابِهِ إِذْ سَمِعَ وَقْعَ نَعْلَيْنِ خَلْفَهُ، فَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْيَةَ يُبَشِّرُنِي بِإِسْلامِ رَيْحَانَةَ، فَجَاءَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَسْلَمَتْ رَيْحَانَةُ، فَسَرَّهُ ذَلِكَ.

فَلَمَّا انْقَضَى شَأْنُ بَنِي قُرَيْظَةَ انْفَجَرَ جُرْحُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دَعَا- كَمَا حَدَّثَنِي ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بِشْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَلْقَمَةَ، فِي خَبَرٍ ذَكَرَهُ عَنْ عَائِشَةَ: ثُمَّ دَعَا سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ- يَعْنِي بَعْدَ أَنْ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ مَا حَكَمَ- فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أُقَاتِلَ أَوْ أُجَاهِدَ مِنْ قَوْمٍ كَذَّبُوا رَسُولَكَ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَبْقَيْتَ مِنْ حَرْبِ قُرَيْشٍ عَلَى رَسُولِكَ شَيْئًا فَأَبْقِنِي لَهَا، وَإِنْ كُنْتَ قَدْ قَطَعْتَ الْحَرْبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ فَانْفَجَرَ كَلْمُهُ، فرجعه رسول الله ص إِلَى خَيْمَتِهِ الَّتِي ضُرِبَتْ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ قالت عائشة: فحضره رسول الله ص، وابو بكر، وعمر، فو الذى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنِّي لأَعْرِفُ بُكَاءَ أَبِي بَكْرٍ مِنْ بُكَاءِ عُمَرَ وَإِنِّي لَفِي حُجْرَتِي قَالَتْ: وَكَانُوا كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «رُحَماءُ بَيْنَهُمْ»

<<  <  ج: ص:  >  >>