للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسكر، وو الله مَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ، فَلَمْ أَمْكُثْ أَنِ اشْتَكَيْتُ شَكْوًى شَدِيدَةً، وَلا يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَقَدِ انْتَهَى الحديث الى رسول الله ص والى ابوى، ولا يذكران لِي مِنْ ذَلِكَ قَلِيلا وَلا كَثِيرًا، إِلا انى قد انكرت من رسول الله ص بَعْضَ لُطْفِهِ بِي، كُنْتُ إِذَا اشْتَكَيْتُ رَحِمَنِي وَلَطَفَ بِي، فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فِي شَكْوَايَ تِلْكَ، فَأَنْكَرْتُ مِنْهُ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلِيَّ وَأُمِّي تُمَرِّضُنِي، قَالَ: كَيْفَ تِيكُمْ؟ لا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ قَالَتْ: حَتَّى وَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِمَّا رَأَيْتُ مِنْ جَفَائِهِ عَنِّي، فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَذِنْتَ لِي فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي فَمَرَّضَتْنِي! قَالَ: لا عَلَيْكَ! قَالَتْ: فَانْتَقَلْتُ إِلَى أُمِّي، وَلا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ، حَتَّى نَقِهْتُ مِنْ وَجَعِي بَعْدَ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً قَالَتْ:

وَكُنَّا قَوْمًا عَرَبًا لا نَتَّخِذُ فِي بُيُوتِنَا هَذِهِ الْكُنُفَ الَّتِي تَتَّخِذَهَا الأَعَاجِمُ، نَعَافُهَا وَنَكْرَهُهَا، إِنَّمَا كُنَّا نَخْرُجُ فِي فُسَحِ الْمَدِينَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي حَوَائِجِهِنَّ، فَخَرَجْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ حَاجَتِي، وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحِ بِنْتُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَكَانَتْ أُمُّهَا بِنْتَ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بن تيم، خاله ابى بكر قالت فو الله إِنَّهَا لَتَمْشِي مَعِي، إِذْ عَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا، فَقَالَتْ: تَعِسَ مِسْطَحٌ! قَالَتْ: قُلْتُ:

بِئْسَ لَعَمْرِ اللَّهِ مَا قُلْتِ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ شهد بدرا! قالت: او ما بَلَغَكَ الْخَبَرُ يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ! قَالَتْ: قُلْتُ: وَمَا الْخَبَرُ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِالَّذِي كَانَ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الإِفْكِ قَالَتْ: قُلْتُ وَقَدْ كَانَ هَذَا! قَالَتْ: نَعَمْ وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ قَالَتْ: فو الله مَا قَدِرْتُ عَلَى أَنْ أَقْضِيَ حَاجَتِي، وَرَجَعْتُ فَمَا زِلْتُ أَبْكِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ سَيَصْدَعُ كَبِدِي قَالَتْ: وَقُلْتُ لأُمِّي:

<<  <  ج: ص:  >  >>