دِحْيَةُ إِلَى هِرَقْلَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ قَالَ: قَدْ قلت لك: انا نخافهم على أنفسنا، فصغاطر- وَاللَّهِ- كَانَ أَعْظَمَ عِنْدَهُمْ وَأَجْوَزَ قَوْلا مِنِّي.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُدَمَاءِ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: لَمَّا أَرَادَ هِرَقْلُ الْخُرُوجَ مِنْ أَرْضِ الشَّامِ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، لَمَّا بَلَغَهُ مِنْ أَمْرِ رسول الله ص، جَمَعَ الرُّومَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، إِنِّي عَارِضٌ عَلَيْكُمْ أُمُورًا، فَانْظُرُوا فِيمَ قَدْ أَرَدْتُهَا! قَالُوا: مَا هِيَ؟ قَالَ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، إِنَّا نَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا نَعْرِفُهُ بِصِفَتِهِ الَّتِي وُصِفَ لَنَا، فَهَلُمَّ فَلْنَتَّبِعْهُ، فَتَسْلَمَ لَنَا دُنْيَانَا وَآخِرَتَنَا، فَقَالُوا: نَحْنُ نَكُونُ تَحْتَ يَدَيِ الْعَرَبِ، وَنَحْنُ أَعْظَمُ النَّاسِ مُلْكًا، وَأَكْثَرُهُمْ رِجَالا، وَأَفْضَلُهُمْ بَلَدًا! قَالَ: فَهَلُمَّ فأعطيه الجزية في كل سنه، اكسروا عَنِّي شَوْكَتَهُ وَأَسْتَرِيحُ مِنْ حَرْبِهِ بِمَالٍ أُعْطِيهِ إِيَّاهُ، قَالُوا: نَحْنُ نُعْطِي الْعَرَبَ الذُّلَّ وَالصَّغَارَ، بِخَرْجٍ يَأْخُذُونَهُ مِنَّا، وَنَحْنُ أَكْثَرُ النَّاسِّ عَدَدًا، وَأَعْظَمُهُمْ مُلْكًا، وَأَمْنَعُهُمْ بَلَدًا، لا وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ هَذَا أَبَدًا.
قَالَ: فَهَلُمَّ فَلأُصَالِحْهُ عَلَى أَنْ أُعْطِيَهُ أَرْضَ سُورِيَةَ، وَيَدَعَنِي وَأَرْضَ الشَّامِ- قَالَ: وَكَانَتْ أَرْضُ سُورِيَةَ أَرْضَ فِلَسْطِينَ وَالأُرْدُنَ وَدِمَشْقَ وَحِمْصَ وَمَا دُونَ الدَّرْبِ مِنْ أَرْضِ سُورِيَةَ، وَكَانَ مَا وَرَاءَ الدَّرْبِ عِنْدَهُمُ الشَّامَ- فَقَالُوا لَهُ: نَحْنُ نُعْطِيهِ أَرْضَ سُورِيَةَ، وَقَدْ عُرِفَتْ أَنَّهَا سُرَّةُ الشَّامِ، وَاللَّهِ لا نَفْعَلُ هَذَا أَبَدًا.
فَلَمَّا أَبَوْا عَلَيْهِ، قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَتَرَوْنَ أَنَّكُمْ قَدْ ظَفِرْتُمْ إِذَا امْتَنَعْتُمْ مِنْهُ فِي مَدِينَتِكُمْ ثُمَّ جَلَسَ عَلَى بَغْلٍ لَهُ، فَانْطَلَقَ حَتَّى إِذَا أَشْرَفَ عَلَى الدَّرْبِ اسْتَقْبَلَ أَرْضَ الشَّامِ، ثُمَّ قَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَرْضَ سُورِيَةَ تَسْلِيمُ الْوَدَاعِ، ثُمَّ رَكَضَ حَتَّى دخل القسطنطينية
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute