أَقْبَلَ عَلَيْهِمَا فَقَالَ: وَيْلَكُمَا! مَنْ أَمَرَكُمَا بِهَذَا؟ قَالا: أَمَرَنَا بِهَذَا رَبُّنَا- يَعْنِيَانِ كِسْرَى-[فَقَالَ رسول الله: لَكِنَّ رَبِّي قَدْ أَمَرَنِي بِإِعْفَاءِ لِحْيَتِي وَقَصِّ شَارِبِي] .
ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: ارْجِعَا حَتَّى تَأْتِيَانِي غدا، واتى رسول الله ص الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى كِسْرَى ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ، فَقَتَلَهُ فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا لَيْلَةَ كَذَا وَكَذَا مِنَ اللَّيْلِ، بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ، سَلَّطَ عَلَيْهِ ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ.
- قَالَ الواقدي: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَبَاهُ كِسْرَى لَيْلَةَ الثُّلاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الأُولَى مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ لِسِتِّ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْهَا- رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ.
فَدَعَاهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا، فَقَالا: [هَلْ تَدْرِي مَا تَقُولُ! إِنَّا قَدْ نَقِمْنَا عَلَيْكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ هَذَا، أَفَنَكْتُبُ هَذَا عَنْكَ، وَنُخْبِرُهُ الْمَلِكَ! قَالَ: نَعَمْ، أَخْبِرَاهُ ذَلِكَ عَنِّي، وَقُولا لَهُ: إِنَّ دِينِي وَسُلْطَانِي سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى، وَيَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ، وَقُولا لَهُ: إِنَّكَ إِنْ أَسْلَمْتَ أَعْطَيْتُكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ، وَمَلَّكْتُكَ عَلَى قَوْمِكَ مِنَ الأَبْنَاءِ، ثُمَّ أَعْطَى خرخسرهَ مِنْطَقَةً فِيهَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ، كَانَ أَهْدَاهَا لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ] .
فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى قَدِمَا عَلَى بَاذَانَ، فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هَذَا بِكَلامِ مَلِكٍ، وَإِنِّي لأَرَى الرَّجُلَ نَبِيًّا كَمَا يَقُولُ، وَلْنَنْظُرَنَّ مَا قَدْ قَالَ، فَلَئِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا مَا فِيهِ كَلامٌ، إِنَّهُ لَنَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَنَرَى فِيهِ رَأْيَنَا.
فَلَمْ يَنْشَبْ بَاذَانَ أَنْ قَدِمَ عَلَيْهِ كِتَابُ شِيرَوَيْهِ، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ كِسْرَى، وَلَمْ أَقْتُلْهُ إِلا غَضَبًا لِفَارِسَ لِمَا كَانَ اسْتَحَلَّ مِنْ قَتْلِ أَشْرَافِهِمْ وَتَجْمِيرِهِمْ فِي ثُغُورِهِمْ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذْ لِي الطَّاعَةَ مِمَّنْ قِبَلَكَ، وَانْظُرِ الرَّجُلَ الَّذِي كَانَ كِسْرَى كَتَبَ فِيهِ إِلَيْكَ فَلا تُهِجْهُ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي فِيهِ.
فَلَمَّا انْتَهَى كِتَابُ شِيرَوَيْهِ إِلَى بَاذَانَ قَالَ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَرَسُولٌ فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَتِ الأَبْنَاءُ مَعَهُ مِنْ فَارِسَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْيَمَنِ، فَكَانَتْ حمير تقول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute