للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَالِكَ لا أُبَالِي طَلْعَ بَعْلٍ ... وَلا نَخْلٍ أَسَافِلُهَا رِوَاءِ

قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْتُهُنَّ مِنْهُ بَكَيْتُ، فَخَفَقَنِي بِالدِّرَّةِ، وَقَالَ: مَا عَلَيْكَ يَا لُكَعُ! يَرْزُقُنِي اللَّهُ الشَّهَادَةَ، وَتَرْجِعُ بَيْنَ شُعْبَتَيِ الرَّحْلِ! ثُمَّ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي بَعْضِ شِعْرِهِ وَهُوَ يَرْتَجِزُ:

يَا زَيْدَ زَيْدَ الْيَعْمَلاتِ الذُّبَّلِ ... تَطَاوَلَ اللَّيْلُ هُدِيتَ فَانْزِلِ

قَالَ: ثُمَّ مَضَى النَّاسُ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِتُخُومِ الْبَلْقَاءِ، لَقِيَتْهُمْ جُمُوعُ هِرَقْلَ مِنَ الرُّومِ وَالْعَرَبِ، بِقَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الْبَلْقَاءِ يُقَالُ لَهَا مَشَارِفُ ثُمَّ دَنَا الْعَدُوُّ، وَانْحَازَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا مُؤْتَةُ، فَالْتَقَى النَّاسُ عِنْدَهَا، فَتَعَبَّأَ الْمُسْلِمُونَ، فَجَعَلُوا عَلَى مَيْمَنَتِهِمْ رَجُلا مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، يُقَالُ لَهُ قُطْبَةُ بْنُ قَتَادَةَ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِمْ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ عَبَايَةُ بْنُ مَالِكٍ، ثُمَّ الْتَقَى النَّاسُ، فَاقْتَتَلُوا، فَقَاتَلَ زَيْدُ بْنُ حارثة برايه رسول الله ص حَتَّى شَاطَ فِي رِمَاحِ الْقَوْمِ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَقَاتَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا أَلْحَمَهُ الْقِتَالُ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ فَعَقَرَهَا، ثُمَّ قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ، فَكَانَ جَعْفَرٌ أَوَّلَ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَقَرَ فِي الإِسْلامِ فَرَسَهُ.

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حدثنا سلمه وابو تميمله، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عن يحيى بن عَبَّادٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي- وَكَانَ أَحَدَ بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغَزْوَةِ غَزْوَةَ مُؤْتَةَ- قَالَ: وَاللَّهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى جَعْفَرٍ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ، فَعَقَرَهَا، ثُمَّ قَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ، فَلَمَّا قُتِلَ جَعْفَرٌ أَخَذَ الرَّايَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ بِهَا وَهُوَ عَلَى فَرَسِهِ، فَجَعَلَ يَسْتَنْزِلُ نَفْسَهُ وَيَتَرَدَّدُ بَعْضَ التَّرَدُّدِ، ثُمَّ قَالَ:

أَقْسَمْتُ يَا نَفْسُ لَتَنْزِلِنَّهْ طَائِعَةً أَوْ فَلَتُكْرَهِنَّهْ

<<  <  ج: ص:  >  >>