للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انا لكنت امْرَأً شَرِيفًا، وَكُنْتُ نَصْرَانِيًّا أَسِيرُ فِي قَوْمِي بِالْمِرْبَاعِ، فَكُنْتُ فِي نَفْسِي عَلَى دِينٍ، وَكُنْتُ مَلِكًا فِي قَوْمِي، لِمَا كَانَ يُصْنَعُ بِي، فَلَمَّا سَمِعْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ كَرِهْتُهُ، فَقُلْتُ لِغُلامٍ كَانَ لِي عَرَبِيٌّ وَكَانَ رَاعِيًا لإِبِلِي: لا ابالك! أَعْدِدِ لِي مِنْ إِبِلِي أَجْمَالا ذُلُلا سِمَانًا مسان، فَاحْبِسْهَا قَرِيبًا مِنِّي، فَإِذَا سَمِعْتَ بِجَيْشٍ لِمُحَمَّدٍ قد وطيء هَذِهِ الْبِلادَ فَآذِنِّي، فَفَعَلَ ثُمَّ إِنَّهُ أَتَانِي ذَاتَ غَدَاةٍ، فَقَالَ: يَا عَدِيُّ، مَا كُنْتَ صَانِعًا إِذَا غَشِيَتْكَ خَيْلُ مُحَمَّدٍ فَاصْنَعْهُ الآنَ، فَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رَايَاتٍ، فَسَأَلْتُ عَنْهَا، فَقَالُوا: هَذِهِ جُيُوشُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:

فَقُلْتُ: قَرِّبْ لِي جِمَالِي، فَقَرَّبَهَا، فَاحْتَمَلْتُ بِأَهْلِي وَوَلَدِي، ثُمَّ قُلْتُ:

أَلْحَقُ بِأَهْلِ دِينِي مِنَ النَّصَارَى بِالشَّامِ، فَسَلَكْتُ الْحُوشِيَّةَ وَخَلَفْتُ ابْنَةَ حَاتِمٍ فِي الْحَاضِرِ، فَلَمَّا قَدِمْتُ الشَّامَ أَقَمْتُ بِهَا، وَتَخَالَفَنِي خَيْلٌ لِرَسُولِ الله ص فَتُصِيبُ ابْنَةَ حَاتِمٍ فِيمَنْ أُصِيبَ فَقُدِمَ بِهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِي سَبَايَا طَيِّئٍ، وَقَدْ بلغ رسول الله ص هَرَبِي إِلَى الشَّامِ قَالَ: [فَجُعِلَتْ ابْنَةُ حَاتِمٍ فِي حَظِيرَةٍ بِبَابِ الْمَسْجِدِ كَانَتِ السَّبَايَا يُحْبَسْنَ بها، فمر بها رسول الله ص فَقَامَتْ إِلَيْهِ- وَكَانَتْ امْرَأَةً جَزْلَةً- فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْوَالِدُ، وَغَابَ الْوَافِدُ، فَامْنُنْ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ! قَالَ: وَمَنْ وَافِدُكِ؟ قَالَتْ: عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، قَالَ: الْفَارُّ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ! قَالَتْ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ ص وَتَرَكَنِي، حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ مَرَّ بِي وَقَدْ أَيِسْتُ، فَأَشَارَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِهِ: أَنْ قُومِي إِلَيْهِ فَكَلِّمِيهِ، قَالَتْ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكَ الْوَالِدُ، وَغَابَ الْوَافِدُ، فَامْنُنْ عَلَيَّ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْكَ! قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ فَلا تَعْجَلِي بِخُرُوجٍ حَتَّى تَجِدِي مِنْ قَوْمِكِ مَنْ يَكُونُ لَكِ ثِقَةً حَتَّى يُبَلِّغَكِ إِلَى بِلادِكِ ثُمَّ آذِنِينِي] قَالَتْ: فَسَأَلْتُ عَنِ الرَّجُلِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيَّ أَنْ كَلِّمِيهِ فَقِيلَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ: وَأَقَمْتُ حَتَّى قَدِمَ رَكْبٌ مِنْ بَلِيٍّ- أَوْ مِنْ قُضَاعَةَ- قَالَتْ: وَإِنَّمَا أُرِيدُ أَنْ آتِيَ أَخِي

<<  <  ج: ص:  >  >>