ص، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، جِئْنَاكَ لِنُفَاخِرَكَ، فاذن لشاعرنا وخطيبنا، قال: نعم، أَذِنْتُ لِخَطِيبِكُمْ فَلْيَقُلْ فَقَامَ إِلَيْهِ عُطَارِدُ بْنُ حَاجِبٍ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ عَلَيْنَا الْفَضْلُ وَهُوَ أَهْلُهُ، الَّذِي جَعَلَنَا مُلُوكًا، وَوَهَبَ لَنَا أَمْوَالا عِظَامًا نَفْعَلُ فِيهَا الْمَعْرُوفَ، وَجَعَلَنَا أَعَزَّ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَأَكْثَرَهُ عَدَدًا وَأَيْسَرَهُ عُدَّةً، فَمَنْ مِثْلُنَا فِي النَّاسِ! أَلَسْنَا بِرُءُوسِ النَّاسِ وَأُولِي فَضْلِهِمْ! فَمَنْ يُفَاخِرُنَا فَلْيَعْدُدْ مِثْلَ مَا عَدَدْنَا، وَإِنَّا لَوْ نَشَاءُ لأَكْثَرْنَا الْكَلامَ، وَلَكِنَّا نَحْيَا مِنَ الإِكْثَارِ فِيمَا أَعْطَانَا، وَإِنَّا نُعْرَفُ أَقُولُ هَذَا الآنَ لِتَأْتُونَا بِمِثْلِ قَوْلِنَا، وَأَمْرٍ أَفْضَلَ مِنْ أَمْرِنَا، ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ رَسُولُ الله ص لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شِمَاسٍ أَخِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ: قُمْ فَأَجِبِ الرَّجُلَ فِي خُطْبَتِهِ.
فَقَامَ ثَابِتٌ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ خَلْقُهُ، قَضَى فِيهِنَّ أَمْرَهُ، وَوَسِعَ كُرْسِيَّهُ عِلْمُهُ، وَلَمْ يَكُ شَيْءٌ قَطُّ إِلا مِنْ فَضْلِهِ ثُمَّ كَانَ مِنْ قُدْرَتِهِ أَنْ جَعَلَنَا مُلُوكًا وَاصْطَفَى مِنْ خَيْرِ خَلْقِهِ رَسُولا أَكْرَمَهُمْ نَسَبًا، وَأَصْدَقَهُمْ حَدِيثًا، وَأَفْضَلَهُمْ حَسَبًا، فَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، وَائْتَمَنَهُ عَلَى خَلْقِهِ، فَكَانَ خِيَرَةَ اللَّهِ مِنَ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ دَعَا النَّاسَ إِلَى الإِيمَانِ، فَآمَنَ بِرَسُولِ اللَّهِ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قَوْمِهِ وَذَوِي رَحِمِهِ، أَكْرَمُ النَّاسِ أَنْسَابًا، وَأَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا، وَخَيْرُ النَّاسِ فِعَالا، ثُمَّ كَانَ أَوَّلُ الْخَلْقِ إِجَابَةً- وَاسْتَجَابَ لِلَّهِ حِينَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ ص- نَحْنُ، فَنَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ وَوُزَرَاءُ رَسُولِهِ، نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ، فَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مُنِعَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَمَنْ كَفَرَ جَاهَدْنَاهُ فِي اللَّهِ أَبَدًا، وَكَانَ قَتْلُهُ عَلَيْنَا يَسِيرًا، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلِلْمُؤْمِنَاتِ، والسلام عليكم.
قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، ائْذَنْ لِشَاعِرِنَا، فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَامَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَقَالَ:
نَحْنُ الْكِرَامُ فَلا حَيٌّ يُعَادِلُنَا ... مِنَّا الْمُلُوكُ وَفِينَا تُنْصَبُ البيع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute