تَسْلَمُوا، فَأَسْلَمُوا وَلَمْ يُقَاتِلُوا، وَأَنَا مُقِيمٌ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَآمُرُهُمْ بِمَا أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِهِ، وَأَنْهَاهُمْ عَمَّا نَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْهُ، وَأُعَلِّمُهُمْ مَعَالِمَ الإِسْلامِ وسنه النبي ص حَتَّى يَكْتُبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَكَتَبَ اليه رسول الله ص: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رسول الله إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ سَلامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ اللَّهَ إِلَيْكَ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ كِتَابَكَ جَاءَنِي مَعَ رُسُلِكَ بِخَبَرٍ أَنَّ بَنِي الْحَارِثِ قَدْ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُقَاتِلُوا، وَأَجَابُوا إِلَى مَا دَعَوْتَهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الإِسْلامِ وَشَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنْ قَدْ هَدَاهُمُ اللَّهُ بِهُدَاهُ، فَبَشِّرْهُمْ وَأَنْذِرْهُمْ، وَأَقْبِلْ وَلَيُقْبِلْ مَعَكَ وَفْدُهُمْ، وَالسَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ.
فَأَقْبَلَ خَالِدُ بن الوليد الى رسول الله ص، وَأَقْبَلَ مَعَهُ وَفْدُ بَلْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، فِيهِمْ قَيْسُ بْنُ الْحُصَيْنِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ قِنَانَ ذِي الْغُصَّةِ، وَيَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ، وَيَزِيدُ بْنُ الْمُحَجَّلِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ قُرَيْظٍ الزِّيَادِيُّ، وَشَدَّادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَنَانِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الضِّبَابِيُّ.
[فَلَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ الله ص، فَرَآهُمْ قَالَ: مَنْ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَأَنَّهُمْ رِجَالُ الْهِنْدِ؟ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَؤُلاءِ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، فَلَمَّا وَقَفُوا عِنْدَ رسول الله ص سَلَّمُوا عَلَيْهِ، فَقَالُوا:
نَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ، وَأَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله ص: أَنْتُمُ الَّذِينَ إِذَا زُجِرُوا اسْتَقْدَمُوا! فَسَكَتُوا، فَلَمْ يُرَاجِعْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ أَعَادَهَا رَسُولُ اللَّهِ ص الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يُرَاجِعْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ أَعَادَهَا رَسُولُ اللَّهِ الثَّالِثَةَ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، ثُمَّ أَعَادَهَا رَسُولُ اللَّهِ الرَّابِعَةَ، فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَدَانِ:
نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، نحن الذين إذا زجرنا اسْتَقْدَمْنَا، فَقَالَهَا أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص: لَوْ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لَمْ يَكْتُبْ الى فيكم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute