ابن زَيْدٍ بِكُرَاعِ ربَّةَ بِظَهْرِ الْحَرَّةِ عَلَى بِئْرٍ هُنَالِكَ مِنْ حَرَّةِ لَيْلَى، فَقَالَ لَهُ حَسَّانُ بْنُ مَلَّةَ: إِنَّكَ لَجَالِسٌ تَحْلِبُ الْمَعْزَى وَنِسَاءُ جُذَامٍ يُجَرَّرْنَ أُسَارَى قَدْ غَرَّهَا كِتَابُكَ الَّذِي جِئْتَ بِهِ! فَدَعَا رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ بِجَمَلٍ لَهُ، فَجَعَلَ يَشْكِلُ عَلَيْهِ رَحْلَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:
هَلْ أَنْتَ حَيٌّ أَوْ تُنَادِي حَيًّا
ثُمَّ غَدَا وَهُمْ مَعَهُ بِأُمَيَّةَ بْنِ ضُفَارَةِ أَخِي الْخَصِيبِيِّ الْمَقْتُولِ مُبَكِّرِينَ مِنْ ظَهْرِ الْحَرَّةِ، فَسَارُوا إِلَى جَوْفِ الْمَدِينَةِ ثَلاثَ لَيَالٍ، فَلَمَّا دَخَلُوا انتهوا الى المسجد، ونظر اليه رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ لَهُمْ: لا تُنِيخُوا إِبِلَكُمْ فَتُقْطَعَ أَيْدِيهِنَّ، فَنَزَلُوا عَنْهَا وَهُنَّ قِيَامٌ، فلما دخلوا على رسول الله ص وَرَآهُمْ، أَلاحَ إِلَيْهِمْ بِيَدِهِ: أَنْ تَعَالَوْا مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ، فَلَمَّا اسْتَفْتَحَ رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ الْمَنْطِقَ قَامَ رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ، فَقَالَ: إِنَّ هؤلاء يا نبى الله قوم سحره، فرددها مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ رِفَاعَةُ: رَحِمَ اللَّهُ مَنْ لَمْ يَجْزِنَا فِي يَوْمِنَا هَذَا إِلا خَيْرًا! ثُمَّ دَفَعَ رِفَاعَةُ كِتَابَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ الَّذِي كَانَ كَتَبَهُ لَهُ، فَقَالَ: دُونَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدِيمًا كِتَابُهُ، حَدِيثًا غَدْرُهُ فَقَالَ رَسُولُ الله ص: اقْرَأْ يَا غُلامُ وَأَعْلِنْ، فَلَمَّا قَرَأَ كِتَابَهُمْ وَاسْتَخْبَرَهُمْ فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْقَتْلَى؟ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَ رِفَاعَةُ: أَنْتَ يا رسول الله اعلم، لانحرم عَلَيْكَ حَلالا، وَلا نُحِلُّ لَكَ حَرَامًا، فَقَالَ أَبُو زَيْدِ بْنُ عَمْرٍو: أَطْلِقْ لَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ كَانَ حَيًّا، وَمَنْ كَانَ قَدْ قُتِلَ فَهُوَ تَحْتَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: صَدَقَ أَبُو زَيْدٍ، ارْكَبْ مَعَهُمْ يَا عَلِيُّ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ زَيْدًا لَنْ يُطِيعَنِي، قَالَ: خُذْ سَيْفِي، فَأَعْطَاهُ سَيْفَهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ:
لَيْسَ لِي رَاحِلَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْكَبُهَا، فَحَمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى جَمَلٍ لِثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرٍو، يُقَالُ لَهُ الْمِكْحَالُ، فَخَرَجُوا، فَإِذَا رَسُولٌ لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ عَلَى نَاقَةٍ مِنْ إِبِلِ أَبِي وَبْرٍ، يُقَالُ لَهَا الشَّمِرُ، فَأَنْزَلُوهُ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ مَا شَأْنِي؟ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ:
مَا لَهُمْ عَرَفُوهُ فَأَخَذُوهُ ثُمَّ سَارُوا حَتَّى لَقُوا الْجَيْشَ بِفَيْفَاءَ الْفَحْلَتَيْنِ، فَأَخَذُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، حَتَّى كَانُوا يَنْزِعُونَ لُبُدَ الْمَرْأَةِ مِنْ تحت الرحل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute