للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كان رسول الله ص بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ وَأَصْحَابَهُ- فِيمَا بَيْنَ بَدْرٍ وَأُحُدٍ- إِلَى كَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ فَقَتَلُوهُ، وبعث رسول الله ص عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ إِلَى خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيِّ- وَهُوَ بِنَخْلَةٍ أَوْ بِعُرَنَةَ- يَجْمَعُ لِرَسُولِ اللَّهِ لِيَغْزُوَهُ، فَقَتَلَهُ.

حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بن الزُّبَيْرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ، قَالَ: دعانى رسول الله ص، فَقَالَ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ خَالِدَ بْنَ سُفْيَانَ بْنِ نُبَيْحٍ الْهُذَلِيَّ يَجْمَعُ لِيَ النَّاسَ لِيَغْزُوَنِي- وَهُوَ بِنَخْلَةٍ أَوْ بَعُرْنَةَ- فَأْتِهِ فَاقْتُلْهُ، قَالَ:

قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، انْعَتْهُ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَهُ أَذْكَرَكَ الشَّيْطَانَ! إِنَّهُ آيَةٌ مَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَنَّكَ إِذَا رَأَيْتَهُ وَجَدْتَ لَهُ قَشْعَرِيرَةً قَالَ: فَخَرَجْتُ مُتَوَشِّحًا سَيْفِي حَتَّى دَفَعْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ فِي ظُعُنٍ يَرْتَادُ لَهُنَّ مَنْزِلا حَيْثُ كَانَ وَقْتُ الْعَصْرِ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُ وَجَدْتُ مَا وَصَفَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ص مِنَ الْقَشْعَرِيرَةِ، فَأَقْبَلْتُ نَحْوَهُ، وَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مُجَاوَلَةٌ تَشْغَلُنِي عَنِ الصَّلاةِ، فَصَلَّيْتُ وَأَنَا أَمْشِي نَحْوَهُ، أُومِئُ بِرَأْسِي إِيمَاءً، فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَيْهِ قَالَ: مَنِ الرَّجُلُ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ سَمِعَ بِكَ وَبِجَمْعِكَ لِهَذَا الرَّجُلِ، فَجَاءَكَ لِذَلِكَ، قَالَ: أَجَلْ، أَنَا فِي ذَلِكَ، فَمَشَيْتُ مَعَهُ شَيْئًا حَتَّى إِذَا أَمْكَنَنِي حَمَلْتُ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ حَتَّى قَتَلْتُهُ، ثُمَّ خَرَجْتُ وَتَرَكْتُ ظَعَائِنَهُ مُكِبَّاتٍ عَلَيْهِ.

فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَرَآنِي، قَالَ: أَفْلَحَ الْوَجْهُ! قَالَ:

قُلْتُ: قَدْ قَتَلْتُهُ قَالَ: صَدَقْتَ! ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ فَدَخَلَ بَيْتَهُ، فَأَعْطَانِي عَصًا، فَقَالَ: أَمْسِكْ هَذِهِ الْعَصَا عِنْدَكَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُنَيْسٍ قَالَ:

فَخَرَجْتُ بِهَا عَلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: مَا هَذِهِ الْعَصَا؟ قُلْتُ: أَعْطَانِيهَا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسِكَهَا عِنْدِي، قَالُوا: أَفَلا تَرْجِعُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَتَسْأَلَهُ لِمَ ذَلِكَ؟ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ أَعْطَيْتَنِي هَذِهِ الْعَصَا؟ قَالَ: آيَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ أَقَلَّ النَّاسِ الْمُتَخَصِّرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>