جيومرت الذى زعمت الفرس انه آدم ع انما هو جامر بن يافث ابن نوح، وأنه كان معمرا سيدا، نزل جبل دنباوند من جبال طبرستان من أرض المشرق، وتملك بها وبفارس، ثم عظم أمره وأمر ولده، حتى ملكوا بابل، وملكوا في بعض الأوقات الأقاليم كلها، وأن جيومرت منع من البلاد ما صار إليه، وابتنى المدن والحصون وعمرها، وأعد السلاح، واتخذ الخيل، وأنه تجبر في آخر عمره، وتسمى بآدم، وقال: من سماني بغير هذا الاسم ضربت عنقه، وأنه تزوج ثلاثين امرأة، فكثر منهن نسله، وأن ماري ابنه وماريانة أخته، ممن كان ولد له في آخر عمره، فأعجب بهما وقدمهما، فصار الملوك بذلك السبب من نسلهما، وأن ملكه اتسع وعظم.
وإنما ذكرت من أمر جيومرت في هذا الموضع ما ذكرت، لأنه لا تدافع بين علماء الأمم أن جيومرت هو أبو الفرس من العجم، وإنما اختلفوا فيه:
هل هو آدم أبو البشر على ما قاله الذين ذكرنا قولهم أم هو غيره؟ ثم مع ذلك فلأن ملكه وملك أولاده لم يزل منتظما على سياق، متسقا بأرض المشرق وجبالها إلى أن قتل يزدجرد بن شهريار من ولد ولده بمرو- أبعده الله- أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه، فتأريخ ما مضى من سني العالم على أعمار ملوكهم أسهل بيانا، وأوضح منارا منه على أعمار ملوك غيرهم من الأمم، إذ لا تعلم أمة من الأمم الذين ينتسبون الى آدم ع دامت لها المملكة، واتصل لهم الملك، وكانت لهم ملوك تجمعهم، ورءوس تحامي عنهم من ناوأهم، وتغالب بهم من عازهم، وتدفع ظالمهم عن مظلومهم، وتحملهم من الأمور على ما فيه حظهم