قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيُّ، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِعَلِيٍّ وَالْعَبَّاسِ: أَنْتُمَا الأَذَلانِ! ثُمَّ أَنْشَدَ يَتَمَثَّلُ:
إِنَّ الْهَوَانَ حِمَارُ الأَهْلِ يَعْرِفُهُ ... وَالْحُرُّ يُنْكِرُهُ وَالرُّسْلَةُ الأَجَدُ
وَلا يُقِيمُ عَلَى ضَيْمٍ يُرَادُ بِهِ ... إِلا الأَذَلانِ عِيرُ الْحَيِّ وَالْوَتَدُ
هَذَا عَلَى الْخَسْفِ مَعْكُوسٌ بِرُمَّتِهِ ... وَذَا يُشَجُّ فَلا يَبْكِي لَهُ أَحَدُ
حَدَّثَنَا ابْنُ حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن محمد بن إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: لَمَّا بُويِعَ أَبُو بَكْرٍ فِي السَّقِيفَةِ، وَكَانَ الْغَدُ، جَلَسَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَامَ عُمَرُ فَتَكَلَّمَ قَبْلَ أَبِي بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنِّي قَدْ كُنْتُ قُلْتُ لَكُمْ بِالأَمْسِ مَقَالَةً مَا كَانَتْ إِلا عَنْ رَأْيِي، وَمَا وَجَدْتُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَلا كَانَتْ عَهْدًا عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ص، وَلَكِنِّي قَدْ كُنْتُ أَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ سَيُدبِرُ أَمْرَنَا، حَتَّى يَكُونَ آخِرَنَا، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْقَى فِيكُمْ كِتَابَهُ الَّذِي هَدَى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ، فَإِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ هَدَاكُمُ اللَّهُ لِمَا كَانَ هَدَاهُ لَهُ، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَمَعَ أَمْرَكُمْ عَلَى خَيْرِكُمْ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ، وثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ، فَقُومُوا فَبَايِعُوا فَبَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ بَيْعَةَ الْعَامَّةِ بَعْدَ بَيْعَةِ السَّقِيفَةِ.
ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِالَّذِي هُوَ أَهْلُهُ، ثُمَّ قَالَ:
أَمَّا بَعْدُ أَيُّهَا النَّاسُ، فَإِنِّي قَدْ وُلِّيتُ عَلَيْكُمْ وَلَسْتُ بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي، وَإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُونِي الصِّدْقُ أَمَانَةٌ، وَالْكَذِبُ خِيَانَةٌ، وَالضَّعِيفُ فِيكُمْ قَوِيٌّ عِنْدِي حَتَّى أُرِيحَ عَلَيْهِ حَقَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالْقَوِيُّ مِنْكُمُ الضَّعِيفُ عِنْدِي حَتَّى آخُذَ الْحَقَّ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لا يَدَعُ أَحَدٌ مِنْكُمُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّهُ لا يَدَعُهُ قَوْمٌ إِلا ضَرَبَهُمُ اللَّهُ بِالذُّلِّ، وَلا تَشِيعُ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ إِلا عَمَّهُمُ اللَّهُ بِالْبَلاءِ أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ قُومُوا إِلَى صَلاتِكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ!
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute