فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ غَطَفَانُ عَلَى الْمُطَابَقَةِ لِطُلَيْحَةَ هَرَبَ ضِرَارٌ وَقُضَاعِي وَسِنَانٌ وَمَنْ كَانَ قَامَ بِشَيْءٍ من امر النبي ص فِي بَنِي أَسَدٍ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، وَارْفَضَّ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ، فَأَخَبُروا أَبَا بَكْرٍ الْخَبَرَ، وَأَمَرُوهُ بِالْحَذَرِ، فَقَالَ ضِرَارُ بْنُ الأَزْوَرِ: فَمَا رايت أحدا- ليس رسول الله ص- أَمْلأَ بِحَرْبٍ شَعْوَاءَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، فَجَعَلْنَا نُخْبِرُهُ، وَلَكَأَنَّمَا نُخْبِرُهُ بِمَا لَهُ وَلا عَلَيْهِ وَقَدِمَتْ عَلَيْهِ وُفُودُ بَنِي أَسَدٍ وَغَطَفَانَ وَهَوَازِنَ وَطَيِّئٍ، وَتَلَقَّتْ وُفُودُ قُضَاعَةُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَحَوَّزَهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَاجْتَمَعُوا بِالْمَدِينَةِ فَنَزَلُوا عَلَى وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ، لِعَاشِرٍ مِنْ مُتَوَفَّى رَسُولِ الله ص، فَعَرَضُوا الصَّلاةَ عَلَى أَنْ يُعْفَوْا مِنَ الزَّكَاةِ، وَاجْتَمَعَ مَلأُ مَنْ أَنْزَلَهُمْ عَلَى قَبُولِ ذَلِكَ حَتَّى يَبْلُغُوا مَا يُرِيدُونَ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْ وُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ أَحَدٌ إِلا أَنْزَلَ مِنْهُمْ نَازِلا إِلا الْعَبَّاسَ ثُمَّ أَتَوْا أَبَا بَكْرٍ فَأَخْبَرُوهُ خَبَرَهُمْ وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ مَلَؤُهُمْ، إِلا مَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، فَإِنَّهُ أَبَى إِلا ما كان رسول الله ص يَأْخُذُ، وَأَبَوْا، فَرَدَّهُمْ وَأَجَّلَهُمْ يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَتَطَايَرُوا إِلَى عَشَائِرِهِمْ.
حَدَّثَنِي السَّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ، عَنْ سَيْفٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شعيب، قال: كان رسول الله ص قد بعث عمرو ابن الْعَاصِ إِلَى جَيْفَرٍ، مُنْصَرَفِهِ مِنْ حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فمات رسول الله ص وَعَمْرٌو بِعُمَانَ، فَأَقْبَلَ حَتَّى إِذَا انْتَهَى إِلَى الْبَحْرَيْنِ وَجَدَ الْمُنْذِرَ بْنَ سَاوَى فِي الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ: أَشِرْ عَلَيَّ فِي مَالِي بِأَمْرٍ لِي وَلا عَلَيَّ، قَالَ: صَدِّقْ بِعَقَارٍ صَدَقَةً تَجْرِي مِنْ بَعْدِكَ، فَفَعَلَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَسَارَ فِي بَنِي تَمِيمٍ، ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إِلَى بِلادِ بَنِي عَامِرٍ، فَنَزَلَ عَلَى قُرَّةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، وَقُرَّةُ يُقَدِّمُ رِجْلا وَيُؤَخِّرُ رِجْلا، وَعَلَى ذَلِكَ بَنُو عَامِرٍ كُلُّهُمْ إِلا خَوَّاصٌ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَأَطَافَتْ بِهِ قُرَيْشٌ، وَسَأَلُوهُ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الْعَسَاكِرَ مُعَسْكَرَةٌ مِنْ دَبَا إِلَى حَيْثُ انْتَهَيَتْ إِلَيْكُمْ، فَتَفَرَّقُوا وَتَحَلَّقُوا حِلَقًا، وَأَقْبَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يُرِيدُ التَّسْلِيمَ عَلَى عَمْرٍو،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute