لَيْلا، فَعَمَدَ إِلَى عَسْكَرِ خَالِدٍ، فَصَاحَ بِهِ الْحَرَسُ، وَفَزِعَتْ بَنُو حَنِيفَةَ، فَاتَّبَعُوهُ فَأَدْرَكُوهُ فِي بَعْضِ الْحَوَائِطِ، فَشَدَّ عَلَيْهِمْ بِالسَّيْفِ، فَاكْتَنَفُوهُ بِالْحِجَارَةِ، وَأَجَالَ السَّيْفَ عَلَى حَلْقِهِ فَقَطَعَ أَوْدَاجَهُ، فَسَقَطَ فِي بِئْرٍ فَمَاتَ.
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ يَرْبُوعٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَالَحَ خَالِدٌ بَنِي حَنِيفَةَ جَمِيعًا إِلا مَا كَانَ بِالْعَرْضِ وَالْقَرْيَةِ فَإِنَّهُمْ سُبُوا عِنْدَ انْبِثَاثِ الْغَارَةِ، فَبَعَثَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ مِمَّنْ جَرَى عَلَيْهِ الْقَسْمُ بِالْعَرْضِ وَالْقَرْيَةِ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ أَوْ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ او يشكر، خمسمائة رَأْسٍ.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا قَالَ لِمُجَّاعَةَ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ، فَقَالَ لَهُ مُجَّاعَةُ: مَهْلا، إِنَّكَ قَاطِعٌ ظَهْرِي وَظَهْرَكَ مَعِي عِنْدَ صَاحِبِكَ قَالَ: أَيُّهَا الرَّجُلُ، زَوِّجْنِي، فَزَوَّجَهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا بَكْرٍ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ كِتَابًا يقطر الدم: لعمري يا بن أُمِّ خَالِدٍ، إِنَّكَ لَفَارِغٌ تَنْكِحُ النِّسَاءَ وَبِفِنَاءِ بَيْتِكَ دَمُ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَجْفُفْ بَعْدُ! قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ خَالِدٌ فِي الْكِتَابِ جَعَلَ يَقُولُ:
هَذَا عَمَلُ الأُعَيْسِرِ- يَعْنِي عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ- وَقَدْ بَعَثَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَفْدًا مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَدِمُوا عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ أَبُو بَكْرٍ:
وَيْحَكُمْ! مَا هَذَا الَّذِي اسْتَزَلَّ مِنْكُمْ مَا اسْتَزَلَّ! قَالُوا: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ، قَدْ كَانَ الَّذِي بَلَغَكَ مِمَّا أَصَابَنَا كَانَ امرا لَمْ يُبَارِكِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَلا لِعَشِيرَتِهِ فِيهِ، قَالَ: عَلَى ذَلِكَ، مَا الَّذِي دَعَاكُمْ بِهِ! قَالُوا: كَانَ يَقُولُ:
يَا ضُفْدَعُ نَقِّي نَقِّي، لا الشَّارِبَ تَمْنَعِينَ، وَلا الْمَاءَ تَكْدُرِينَ، لَنَا نِصْفُ الأَرْضِ، وَلِقُرَيْشٍ نِصْفُ الأَرْضِ، وَلَكِنَّ قُرَيْشًا قَوْمٌ يَعْتَدُّونَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سُبْحَانَ اللَّهِ! وَيْحَكُمْ! إِنَّ هَذَا لَكَلامٌ مَا خَرَجَ مِنْ إِلٍّ وَلا برٍّ، فَأَيْنَ يَذْهَبُ بِكُمْ! فَلَمَّا فَرَغَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنَ الْيَمَامَةِ- وَكَانَ مَنْزِلُهُ الَّذِي بِهِ الْتَقَى النَّاسَ أَبَاضَ، وَادٍ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute