للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْبَحْرِ، فَانْهَضُوا إِلَى عَدُوِّكُمْ، ثُمَّ اسْتَعْرِضُوا الْبَحْرَ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَمَعَهُمْ، فَقَالُوا: نَفْعَلُ وَلا نَهَابُ وَاللَّهِ بَعْدَ الدَّهْنَاءِ هَوْلا مَا بَقِينَا فَارْتَحَلَ وَارْتَحَلُوا، حَتَّى إِذَا أَتَى سَاحِلَ الْبَحْرِ اقْتَحَمُوا عَلَى الصَّاهِلِ، وَالْجَامِلِ، وَالشَّاحِجِ وَالنَّاهِقِ، وَالرَّاكِبِ وَالرَّاجِلِ، وَدَعَا وَدَعَوْا، وَكَانَ دُعَاؤُهُ وَدُعَاؤُهُمْ: يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، يَا كَرِيمُ، يَا حَلِيمُ، يَا أَحَدُ، يَا صَمَدُ يَا حَيُّ يَا مُحْيِيَ الْمَوْتَى، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ يَا رَبَّنَا فَأَجَازُوا ذَلِكَ الْخَلِيجَ بِإِذْنِ اللَّهِ جَمِيعًا يَمْشُونَ عَلَى مِثْلِ رَمْلَةٍ مَيْثَاءَ، فَوْقَهَا مَاءٌ يَغْمُرُ أَخْفَافَ الإِبِلِ، وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّاحِلِ وَدَارِينَ مَسِيرَةُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِسُفُنِ الْبَحْرِ فِي بَعْضِ الْحَالاتِ، فَالْتَقُوا بِهَا، وَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، فَمَا تَرَكُوا بِهَا مَخْبَرًا وَسَبُوا الذَّرَارِيَ، وَاسْتَاقُوا الأَمْوَالَ، فَبَلَغَ نَفَلُ الْفَارِسِ سِتَّةَ آلافٍ، وَالرَّاجِلِ أَلْفَيْنِ، قَطَعُوا لَيْلَهُمْ وَسَارُوا يَوْمَهُمْ، فَلَمَّا فَرَغُوا رَجَعُوا عَوْدَهُمْ عَلَى بَدْئِهِمْ حَتَّى عَبَرُوا، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَفِيفُ بْنُ الْمُنْذِرِ:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ ذَلَّلَ بَحْرَهُ ... وَأَنْزَلَ بِالْكُفَّارِ إِحْدَى الْجَلائِلِ!

دَعَوْنَا الَّذِي شَقَّ الْبِحَارَ فَجَاءَنَا ... بِأَعْجَبَ مِنْ فَلْقِ الْبِحَارِ الأَوَائِلِ

وَلَمَّا رَجَعَ الْعَلاءُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَضَرَبَ الإِسْلامُ فِيهَا بِجِرَانِهِ، وَعَزَّ الإِسْلامُ وَأَهْلُهُ، وَذُلَّ الشِّرْكُ وَأَهْلُهُ، أَقْبَلَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَا فِيهَا عَلَى الإِرْجَافِ، فَأَرْجَفَ مُرْجِفُونَ، وَقَالُوا: ها ذاك مَفْرُوقٌ، قَدْ جَمَعَ رَهْطَهُ.

شَيْبَانَ وَتَغْلِبَ وَالنَّمِرَ، فَقَالَ لَهُمْ أَقْوَامٌ منِ الْمُسْلِمِينَ: إِذَا تَشْغَلُهُمْ عَنَّا اللَّهَازِمُ- وَاللَّهَازِمُ يَوْمَئِذٍ قَدِ اسْتُجْمِعَ أَمْرُهُمْ عَلَى نَصْرِ الْعَلاءِ وَطَابَقُوا وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>