وَعِيَالُ دَاذُوَيْهِ مِمَّنْ سُيِّرَ فِي الْبَحْرِ، فَلَمَّا رَأَى فَيْرُوزُ أَنْ قَدِ اجْتَمَعَ عَوَامُّ أَهْلِ الْيَمَنِ عَلَى قَيْسٍ، وَأَنَّ الْعِيَالَ قَدْ سُيِّرُوا وَعَرَّضَهُمْ لِلنَّهْبِ، وَلَمْ يَجِدْ إِلَى فراق عَسْكَرِهِ فِي تَنَقُّذِهِمْ سَبِيلا، وَبَلَغَهُ مَا قَالَ قَيْسٌ فِي اسْتِصْغَارِهِ الأَخْوَالِ وَالأَبْنَاءِ، فَقَالَ فَيْرُوزُ مُنْتَمِيًا وَمُفَاخِرًا وَذَكَرَ الظَّعْنَ:
أَلا نَادِيَا ظُعْنًا إِلَى الرَّمْلِ ذِي النَّخْلِ ... وَقُولا لَهَا أَلا يُقَالُ وَلا عَذْلِي
وَمَا ضَرَّهُمْ قَوْلُ الْعُدَاةِ لَوْ انه ... أَتَى قَوْمَهُ عَنْ غَيْرِ فُحْشٍ وَلا بخْلِ
فَدَعْ عَنْكَ ظُعْنًا بِالطَّرِيقِ الَّتِي هَوَتْ ... لِطَيَّتِهَا صَمْد الرِّمَالِ إِلَى الرَّمْلِ
وَإِنَّا وَإِنْ كَانَتْ بِصَنْعَاءَ دَارُنَا ... لَنَا نَسْلُ قَوْمٍ مِنْ عَرانِينِهِمْ نَسْلِي
وَلِلدَّيْلَمِ الرَّزَّامِ مِنْ بَعْدِ بَاسِلٍ ... أَبَى الْخَفْضَ وَاخْتَارَ الْحَرُورَ عَلَى الظِّلِّ
وَكَانَتْ مَنَابِيتُ الْعِرَاقِ جِسَامَهَا ... لِرَهْطِي إِذَا كِسْرَى مَرَاجِلُهُ تَغْلِي
وَبَاسِلٌ أَصْلِي إِنْ نَمَيْتُ وَمَنْصِبِي ... كَمَا كُلُّ عُودٍ مُنْتَهَاهُ إِلَى الأَصْلِ
هُمْ تَرَكُوا مَجْرَايَ سَهْلا وَحَصَّنُوا ... فِجَاجِي بِحُسْنِ الْقَوْلِ وَالْحَسَبِ الْجَزْلِ
فَمَا عَزَّنَا فِي الْجَهْلِ مِنْ ذِي عَدَاوَةٍ ... أَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُعِزَّ عَلَى الْجَهْلِ
وَلا عَاقَنَا فِي السَّلْمِ عَنْ آلِ أَحْمَدَ ... وَلا خَسَّ فِي الإِسْلامِ إِذْ أَسْلَمُوا قَبْلِي
وَإِنْ كَانَ سَجْلٌ من قبيلي أرشني ... فَإِنِّي لَرَاجٌ أَنْ يُغْرِقَهُمْ سَجْلِي
وَقَامَ فَيْرُوزُ فِي حَرْبِهِ، وَتَجَرَّدَ لَهَا، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنِي عُقَيْلِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ رَسُولا بِأَنَّهُ مُتَخَفِّرٌ بِهِمْ، يَسْتَمِدُّهُمْ وَيَسْتَنْصِرُهُمْ فِي ثُقْلِهِ عَلَى الَّذِينَ يُزْعِجُونَ أَثْقَالَ الأَبْنَاءِ، وَأَرْسَلَ إِلَى عَكٍّ رَسُولا يَسْتَمِدُّهُمْ وَيَسْتَنْصِرُهُمْ عَلَى الَّذِينَ يُزْعِجُونَ أَثْقَالَ الأَبْنَاءِ فَرَكِبَتْ عُقَيْلٌ وَعَلَيْهِمْ رَجُلٌ مِنَ الْحُلَفَاءِ يُقَالُ لَهُ مُعَاوِيَةُ، فَاعْتَرَضُوا خَيْلَ قَيْسٍ فَتَنَقَّذُوا أُولَئِكَ الْعِيَالَ، وَقَتَلُوا الَّذِينَ سَيَّرُوهُمْ، وَقَصَرُوا عَلَيْهِمُ الْقُرَى، إِلَى أَنْ رَجَعَ فَيْرُوزُ إِلَى