ونرجع الآن إلى قصة قابيل وخبره وأخبار ولده وأخبار شيث وخبر ولده- إذ كنا قد أتينا من ذكر آدم وعدوه إبليس وذكر أخبارهما، وما صنع الله بإبليس إذ تجبر وتعظم وطغى على ربه عز وجل فأشر وبطر نعمته التي أنعمها الله عليه، وتمادى في جهله وغيه، وسأل ربه النظرة، فأنظره إلى يوم الوقت المعلوم، وما صنع الله بآدم صلوات الله عليه إذ خطئ ونسي عهد الله من تعجيل عقوبته له على خطيئته، ثم تغمده إياه بفضله ورحمته، إذ تاب إليه من زلته فتاب عليه وهداه، وأنقذه من الضلالة والردى- حتى نأتي على ذكر من سلك سبيل كل واحد منهما، من تباع آدم ع على منهاجه وشيعة إبليس والمقتدين به في ضلالته، إن شاء الله، وما كان من صنع الله تبارك وتعالى بكل فريق منهم.
فاما شيث ع فقد ذكرنا بعض أمره، وأنه كان وصي ابيه آدم ع في مخلفيه بعد مضيه لسبيله، وما أنزل الله عليه من الصحف.
وقيل: إنه لم يزل مقيما بمكة يحج ويعتمر إلى أن مات، وإنه كان جمع ما أنزل الله عز وجل عليه من الصحف إلى صحف ابيه آدم ع، وعمل بما فيها، وإنه بنى الكعبة بالحجارة والطين.
وأما السلف من علمائنا فإنهم قالوا: لم تزل القبة التي جعل الله لآدم في مكان البيت إلى أيام الطوفان، وإنما رفعها الله عز وجل حين أرسل الطوفان.
وقيل: ان شيثا لما مرض أوصى ابنه أنوش ومات، فدفن مع أبويه في غار أبي قبيس، وكان مولده لمضي مائتي سنة وخمس وثلاثين سنة، من عمر آدم