للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اجتمعت إليه كندة، فتحصنوا فيه، ومعهم من استغووا من السكاسك وشذاذ من السكون وحضرموت والنجير، على ثلاثة سبل، فنزل زياد على أحدها، ونزل المهاجر على الآخر، وكان الثالث لهم يؤتون فيه ويذهبون فيه، إلى أن قدم عكرمة في الجيش، فأنزله على ذلك الطريق، فقطع عليهم المواد وردهم، وفرق في كندة الخيول، وأمرهم أن يوطئوهم وفيمن بعث يزيد بْن قنان من بني مالك بْن سعد، فقتل من بقرى بني هند إلى برهوت، وبعث فيمن بعث إلى الساحل خالد بْن فلان المخزومي وربيعة الحضرمي، فقتلوا أهل محا وأحياء أخر، وبلغ كندة وهم في الحصار ما لقي سائر قومهم، فقالوا: الموت خير مما أنتم فيه، جزوا نواصيكم حتى كأنكم قوم قد وهبتم لله أنفسكم، فأنعم عليكم فبؤتم بنعمه، لعله أن ينصركم على هؤلاء الظلمة فجزوا نواصيهم، وتعاقدوا وتواثقوا ألا يفر بعضهم عن بعض، وجعل راجزهم يرتجز في جوف الليل فوق حصنهم:

صباح سوء لبني قتيرة ... وللأمير من بني المغيرة

وجعل راجز المسلمين زياد بْن دينار يرد عليهم:

لا توعدونا واصبروا حصيره ... نحن خيول ولد المغيره

وفي الصباح تظفر العشيره.

فلما أصبحوا خرجوا على الناس، فاقتتلوا بأفنية النجير، حتى كثرت القتلى بحيال كل طريق من الطرق الثلاثة، وجعل عكرمة يرتجز يومئذ، ويقول:

أطعنهم وأنا على أوفاز ... طعنا أبوء به على مجاز

<<  <  ج: ص:  >  >>