لَيَقْبُحُ بِالْعَرَبِ أَنْ يَمْلِكَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَقَدْ وَسَّعَ اللَّهُ، وَفَتَحَ الأَعَاجِمَ.
وَاسْتَشَارَ فِي فِدَاءِ سَبَايَا الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالإِسْلامِ إِلا امْرَأَةً وُلِدَتْ لِسَيِّدِهَا، وَجَعَلَ فِدَاءَ كُلِّ إِنْسَانٍ سَبْعَةَ أبعرة وسته أبعرة الا حنيفه وكنده، فَإِنَّهُ خَفَّفَ عَنْهُمْ لِقَتْلِ رِجَالِهِمْ، وَمَنْ لا يَقْدِرُ عَلَى فِدَاء لقيامهم وأهل دبا، فَتَتَبَّعَتْ رِجَالُهُمْ نِسَاءَهُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ فَوَجَدَ الأَشْعَثُ فِي بَنِي نَهْدٍ وَبَنِي غُطَيْفٍ امْرَأَتَيْنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَقَفَ فِيهَا يَسْأَلُ عَنْ غُرَابٍ وَعُقَابٍ، فَقِيلَ:
مَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: إِنَّ نِسَاءَنَا يَوْمَ النُّجَيْرِ خَطَفَهُنَّ الْعُقْبَانُ وَالْغِرْبَانُ وَالذِّئَابُ وَالْكِلابُ فَقَالَ بَنُو غُطَيْفٍ: هَذَا غُرَابٌ، قَالَ: فَمَا مَوْضِعُهُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: فِي الصِّيَانَةِ، قَالَ: فَنَعَمْ، وَانْصَرَفَ وَقَالَ عُمَرُ: لا مُلْكَ عَلَى عَرَبِيٍّ، لِلَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ.
قَالُوا: وَنَظَرَ الْمُهَاجِرُ فِي أَمْرِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَ أَبُوهَا النعمان بن الجون أهداها لرسول الله ص، فَوَصَفَهَا أَنَّهَا لَمْ تَشْتَكِ قَطُّ، فَرَدَّهَا، [وَقَالَ: لا حَاجَةَ لَنَا بِهَا، بَعْدَ أَنْ أَجْلَسَهَا بين يديه وقال له:
لَوْ كَانَ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لاشْتَكَتْ] فَقَالَ الْمُهَاجِرُ لِعِكْرِمَةَ: مَتَى تَزَوَّجْتَهَا؟
قَالَ: وَأَنَا بِعَدْنٍ، فَأُهْدِيَتْ إِلَيَّ بِالْجُنْدِ، فَسَافَرْتُ بِهَا إِلَى مَأْرِبٍ، ثُمَّ أَوْرَدْتُهَا الْعَسْكَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَعْهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَهْلٍ أَنْ يُرْغَبَ فِيهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لا تَدَعْهَا فَكَتَبَ الْمُهَاجِرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَسْأَلُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ أَبَاهَا النُّعْمَانَ بْنَ الجون اتى رسول الله ص، فَزَيَّنَهَا لَهُ حَتَّى أَمَرَهُ أَنْ يَجِيئَهُ بِهَا، فَلَمَّا جَاءَهُ بِهَا قَالَ: أُزِيدُكَ أَنَّهَا لَمْ تيجع شَيْئًا قَطُّ، [فَقَالَ: لَوْ كَانَ لَهَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لاشْتَكَتْ،] وَرَغِبَ عَنْهَا، فَارْغَبُوا عَنْهَا فأرسلها وبقي في قريش بعد ما أَمَرَ عُمَرُ فِي السَّبْيِ بِالْفِدَاءِ عِدَّةً، مِنْهُمْ بُشْرَى بِنْتُ قَيْسِ بْنِ أَبِي الْكَيْسَمِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute