وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا فِيهِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ لابْنِ صَلُوبَا السَّوَادِيِّ- وَمَنْزِلُهُ بِشَاطِئِ الْفُرَاتِ- إِنَّكَ آمِنٌ بِأَمَانِ اللَّهِ- إِذْ حَقَنَ دَمَهُ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ- وَقَدْ أَعْطَيْتَ عَنْ نَفْسِكَ وَعَنْ أَهْلِ خَرْجِكَ وَجَزِيرَتِكَ وَمَنْ كَانَ فِي قَرْيَتَيْكَ- بَانِقْيَا وَبَارُوسْمَا- أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَقَبِلْتُهَا مِنْكَ، وَرَضِيَ مَنْ مَعِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِهَا مِنْكَ، وَلَكَ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ وَشَهِدَ هِشَامُ بْنُ الْوَلِيدِ.
ثُمَّ أَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِمَنْ مَعَهُ حَتَّى نَزَلَ الْحِيرَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَشْرَافُهُمْ مَعَ قَبِيصَةَ بْنِ إِيَاسِ بْنِ حَيَّةَ الطَّائِيِّ- وَكَانَ أَمَّرَهُ عليها كسرى بعد النعمان ابن الْمُنْذِرِ- فَقَالَ لَهُ خَالِدٌ وَلأَصْحَابِهِ: أَدْعُوكُمْ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الإِسْلامِ فَإِنْ أَجَبْتُمْ إِلَيْهِ فَأَنْتُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لَكُمْ مَا لَهُمْ وَعَلَيْكُمْ مَا عليهم، فان ابيتم فالجزية، فَإِنْ أَبَيْتُمُ الْجِزْيَةَ فَقَدْ أَتَيْتُكُمْ بِأَقْوَامٍ هُمْ أَحْرَصُ عَلَى الْمَوْتِ مِنْكُمْ عَلَى الْحَيَاةِ، جَاهَدْنَاكُمْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ.
فَقَالَ لَهُ قَبِيصَةُ بْنُ إِيَاسٍ: مَا لَنَا بِحَرْبِكَ مِنْ حَاجَةٍ، بَلْ نُقِيمُ عَلَى دِينِنَا، وَنُعْطِيكَ الْجِزْيَةَ فَصَالَحَهُمْ عَلَى تِسْعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَكَانَتْ أَوَّلُ جزية وقعت بالعراق، هي القريات الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا ابْنَ صَلُوبَا.
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَمَّا هِشَامُ بْنُ الْكَلْبِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَهُوَ بِالْيَمَامَةِ أَنْ يَسِيرَ إِلَى الشَّامِ، أَمَرَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْعِرَاقِ فَيَمُرَّ بِهَا، فَأَقْبَلَ خَالِدٌ مِنْهَا يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ النِّبَاجَ.
قَالَ هِشَامٌ: قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: فَحَدَّثَنِي أَبُو الْخَطَّابِ حَمْزَةُ بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، أَنَّ الْمُثَنَّى بْنَ حَارِثَةَ الشَّيْبَانِيَّ، سَارَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، فَقَالَ: أَمِّرْنِي عَلَى مَنْ قَبْلِي مِنْ قَوْمِي، أُقَاتِلُ مَنْ يَلِينِي مِنْ أَهْلِ فَارِسٍ، وَأَكْفِيكَ نَاحِيَتِي، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَأَقْبَلَ فَجَمَعَ قَوْمَهُ وَأَخَذَ يُغِيرُ بِنَاحِيَةِ كَسْكَرٍ مَرَّةً، وَفِي أَسْفَلِ الْفُرَاتِ مَرَّةً، وَنَزَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ النِّبَاجَ والمثنى بن حارثة بخفان معسكر، فَكَتَبَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute