للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذِّمَّةَ، وَأَقْرِرْ بِالْجِزْيَةِ، وَإِلا فَلا تَلُومَنَّ إِلا نَفْسَكَ، فَقَدْ جِئْتُكَ بِقَوْمٍ يُحِبُّونَ الْمَوْتَ كَمَا تُحِبُّونَ الْحَيَاةَ.

قَالَ سَيْفٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ الأَعْلَمِ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عُتَيْبَةَ- وَكَانَ قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ- قَالَ: فَرَّقَ خَالِدٌ مَخْرَجَهُ مِنَ الْيَمَامَةِ إِلَى الْعِرَاقِ جُنْدَهُ ثَلاثَ فِرَقٍ، وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ عَلَى طَرِيقٍ وَاحِدَةٍ فَسَرَّحَ الْمُثَنَّى قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ وَدَلِيلُهُ ظفرُ، وَسَرَّحَ عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ وَعَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو وَدَلِيلاهُمَا مَالِكُ بْنُ عَبَّادٍ وَسَالمُ بْنُ نَصْرٍ، أَحَدُهُمَا قَبْلَ صَاحِبِهِ بِيَوْمٍ، وَخَرَجَ خَالِدٌ وَدَلِيلُهُ رَافِعٌ، فَوَاعَدَهُمْ جَمِيعًا الْحَفِيرَ لِيَجْتَمِعُوا بِهِ وَلِيُصَادِمُوا بِهِ عَدُوَّهُمْ، وَكَانَ فَرْجُ الْهِنْدِ أَعْظَمَ فُرُوجِ فَارِسَ شَأْنًا، وَأَشَدَّهَا شَوْكَةً، وَكَانَ صَاحِبُهُ يُحَارِبُ الْعَرَبَ فِي الْبَرِّ وَالْهِنْد فِي الْبَحْرِ.

قَالَ- وَشَارَكَهُ الْمُهَلَّبُ بْنُ عُقْبَةَ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سِيَاهٍ الأَحْمَرِيُّ، الَّذِي تُنْسَبُ إِلَيْهِ الْحَمْرَاءُ، فَيُقَالُ: حَمْرَاءُ سِيَاهٍ- قَالَ: لَمَّا قَدِمَ كِتَابُ خَالِدٍ عَلَى هُرْمُزَ كَتَبَ بِالْخَبَرِ إِلَى شِيرَى بْنِ كِسْرَى وَإِلَى أَرْدَشِيرَ بْنِ شِيرَى وَجَمَعَ جُمُوعَهُ، ثُمَّ تَعَجَّلَ إِلَى الْكَوَاظِمِ فِي سَرَعَانِ أَصْحَابِهِ لِيَتَلَقَّى خَالِدًا، وَسَبَقَ حَلَبَتَهُ فَلَمْ يَجِدْهَا طَرِيقَ خَالِدٍ، وَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ تَوَاعَدُوا الْحَفِيرَ، فَعَاجَ يُبَادِرُهُ إِلَى الْحَفِيرِ فَنَزَلَهُ، فَتَعَبَّى بِهِ، وَجَعَلَ عَلَى مُجَنِّبَتِهِ أَخَوَيْنِ يُلاقِيَانِ أَرْدَشِيرَ وَشِيرَى إِلَى أَرْدَشِيرَ الأَكْبَرِ، يُقَالُ لَهُمَا: قُبَاذُ وانو شجان، وَاقْتَرَنُوا فِي السَّلاسِلِ، فَقَالَ مَنْ لَمْ يَرَ ذَلِكَ لِمَنْ رَآهُ: قَيَّدْتُمْ أَنْفُسَكُمْ لِعَدُوِّكُمْ، فَلا تَفْعَلُوا، فَإِنَّ هَذَا طَائِرُ سُوءٍ، فَأَجَابُوهُمْ وَقَالُوا:

اما أنتم فحدثوننا أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ الْهَرَبَ فَلَمَّا أَتَى الْخَبَرُ خَالِدًا بِأَنَّ هُرْمُزَ فِي الْحَفِيرِ أَمَالَ النَّاسَ إِلَى كَاظِمَةَ، وَبَلَغَ هُرْمُزَ ذَلِكَ فَبَادَرَهُ إِلَى كَاظِمَةَ فَنَزَلَهَا وَهُوَ حَسِيرٌ، وَكَانَ مِنْ أَسْوَإِ أُمَرَاءِ ذَلِكَ الْفَرْجِ جِوَارًا لِلْعَرَبِ، فَكُلُّ الْعَرَبِ عَلَيْهِ مُغَيَّظٌ، وَقَدْ كَانُوا ضَرَبُوهُ مَثَلا فِي الْخُبْثِ حَتَّى قَالُوا: أَخْبَثُ مِنْ هُرْمُزَ، وَأَكْفَرُ مِنْ هرمز وتعبى هُرْمُزُ وَأَصْحَابُهُ وَاقْتَرَنُوا فِي السَّلاسِلِ، وَالْمَاءِ فِي أَيْدِيهِمْ وَقَدِمَ خَالِدٌ عَلَيْهِمْ فَنَزَلَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَقَالُوا لَهُ فِي ذَلِكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>