للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ أَحَدًا انْتَهَى شَرَفُهُ فِي الأَعَاجِمِ، وَقُتِلَتْ فَارِسُ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً، فَضَمُّوا السُّفُنَ، وَمَنَعَتِ الْمِيَاهُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ طَلَبِهِمْ، وَأَقَامَ خَالِدٌ بِالمذارِ، وَسلَّمَ الأَسْلابَ لِمَنْ سَلَبَهَا بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ، وَقَسَّمَ الْفَيْءَ وَنَفَّلَ مِنَ الأَخْمَاسِ أَهْلَ الْبَلاءِ، وَبَعَثَ بِبَقِيَّةِ الأَخْمَاسِ، وَوَفَّدَ وَفْدًا مَعَ سَعِيدِ بْنِ النُّعْمَانِ أَخِي بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ.

حدثنا عبيد الله، قال: حدثني عمي، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عن أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: قُتِلَ لَيْلَةَ المذارِ ثَلاثُونَ أَلْفًا سِوَى مَنْ غَرِقَ، وَلَوْلا الْمِيَاهُ لأُتِيَ عَلَى آخِرِهِمْ، وَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ مَنْ أَفْلَتَ إِلا عُرَاةً وَأَشْبَاهَ الْعُرَاةِ.

قَالَ سَيْفٌ، عَنْ عَمْرٍو وَالْمُجَالِدِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ لَقِيَ خَالِدٌ مَهْبَطَهُ الْعِرَاقِ هُرْمُزَ بِالْكَوَاظِمِ، ثُمَّ نَزَلَ الْفُرَاتَ بِشَاطِئِ دِجْلَةَ، فَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا، وَتَبَحْبَحَ بِشَاطِئِ دِجْلَةَ، ثُمَّ الثَّنِيِّ، وَلَمْ يَلْقَ بَعْدَ هُرْمُزَ أَحَدًا إِلا كَانَتِ الْوَقْعَةُ الآخِرَةُ أَعْظَمَ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا، حَتَّى أَتَى دَوْمَةَ الْجَنْدَلِ، وَزَادَ سَهْمُ الْفَارِسِ فِي يَوْمِ الثَّنِيِّ عَلَى سَهْمِهِ فِي ذَاتِ السَّلاسِلِ.

فَأَقَامَ خَالِدٌ بِالثَّنِيِّ يُسْبِي عِيَالاتِ الْمُقَاتِلَةِ وَمَنْ أَعَانَهُمْ، وَأَقَرَّ الْفَلاحِينَ وَمَنْ أَجَابَ إِلَى الْخَرَاجِ مِنْ جميع الناس بعد ما دُعُوا، وَكُلُّ ذَلِكَ أُخِذَ عَنْوَةً وَلَكِنْ دُعُوا إِلَى الْجَزَاءِ، فَأَجَابُوا وَتَرَاجَعُوا، وَصَارُوا ذِمَّةً، وَصَارَتْ أَرْضُهُمْ لَهُمْ، كَذَلِكَ جَرَى مَا لَمْ يُقَسَّمْ، فَإِذَا اقْتَسَمَ فَلا.

وَكَانَ فِي السَّبْيِ حَبِيبٌ أَبُو الْحَسَنِ- يَعْنِي أَبَا الْحَسَنِ الْبَصْرِيَّ- وَكَانَ نَصْرَانِيَّا، وَمَافِنَةُ مَوْلَى عُثْمَانَ، وَأَبُو زِيَادٍ مَوْلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ.

وَأَمَّرَ عَلَى الْجُنْدِ سَعِيدَ بْنَ النُّعْمَانِ، وَعَلَى الْجَزَاءِ سُوَيْدَ بْنَ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيَّ، وَأَمَرَهُ بِنُزُولِ الْحَفِيرِ، وَأَمَرَهُ بِبَثِّ عُمَّالِهِ ووضع يده في الجبايه، واقام لعدوه يتجسس الاخبار

<<  <  ج: ص:  >  >>