للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ سَهْلِ بْنِ يُوسُفَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى عَمْرٍو، وَإِلَى الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ- وَكَانَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَدَقَاتِ قُضَاعَةَ- وَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ شَيَّعَهُمَا مَبْعَثَهُمَا عَلَى الصَّدَقَةِ، وَأَوْصَى كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِوَصِيَّةٍ وَاحِدَةٍ: اتَّقِ اللَّهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلانِيَةِ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً، وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ خَيْرُ مَا تَوَاصَى بِهِ عِبَادُ اللَّهِ، إِنَّكَ فِي سَبِيلٍ مِنْ سُبُلِ اللَّهِ، لا يَسَعُكَ فِيهِ الإِذْهَانُ وَالتَّفْرِيطُ وَالْغَفْلَةُ عَمَّا فِيهِ قَوَامُ دِينِكُمْ، وَعِصْمَةُ أَمْرِكُمْ، فَلا تَنِ وَلا تَفْتُرْ وَكَتَبَ إِلَيْهِمَا: اسْتَخْلِفَا عَلَى أَعْمَالِكُمَا، وَانْدُبَا مَنْ يَلِيكُمَا.

فَوَلَّى عَمْرٌو عَلَى عُلْيَا قُضَاعَةَ عَمْرَو بْنَ فُلانٍ الْعُذْرِيَّ، وَوَلَّى الْوَلِيدُ عَلَى ضَاحِيَةِ قُضَاعَةَ مِمَّا يَلِي دُومَةَ امْرَأَ الْقَيْسِ، وَنَدَبَا النَّاسَ، فَتَتَامَّ إِلَيْهِمَا بِشَرٍّ كَثِيرٍ، وَانْتَظَرَا أَمْرَ أَبِي بَكْرٍ.

وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فِي النَّاسِ خَطِيبًا، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى رَسُولِهِ، وَقَالَ: أَلا إِنَّ لِكُلِّ أَمْرٍ جَوَامِعَ، فَمَنْ بَلَغَهَا فَهِيَ حَسْبُهُ، وَمَنْ عَمِلَ لِلَّهِ كَفَاهُ اللَّهُ.

عَلَيْكُمْ بِالْجِدِّ وَالْقَصْدِ، فَإِنَّ الْقَصْدَ أَبْلَغُ، إِلا إِنَّهُ لا دِينَ لأَحَدٍ لا إِيمَانَ لَهُ، وَلا أَجْرَ لِمَنْ لا حسْبَةَ لَهُ، وَلا عَمَلَ لِمَنْ لا نِيَّةَ لَهُ أَلا وَإِنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الثَّوَابِ عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَمَا يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يُخَصَّ بِهِ، هِيَ التِّجَارَةُ الَّتِي دَلَّ اللَّهُ عَلَيْهَا، وَنَجَّى بِهَا مِنَ الْخِزْيِ، وَأَلْحَقَ بِهَا الْكَرَامَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

فَأَمَدَّ عَمْرًا بِبَعْضِ مَنِ انْتَدَبَ إِلَى مَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ، وَأَمَّرَهُ عَلَى فِلَسْطِينَ، وَأَمَّرَهُ بِطَرِيقٍ سَمَّاهَا لَهُ، وَكَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ وَأَمَّرَهُ بِالأُرْدُنِّ، وَأَمَدَّهُ بِبَعْضِهِمْ:

وَدَعَا يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ، فَأَمَّرَهُ عَلَى جُنْدٍ عَظِيمٍ، هُمْ جُمْهُورُ مَنِ انْتُدِبَ لَهُ، وَفِي جُنْدِهِ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَأَشْبَاهُهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وَشَيَّعَهُ مَاشِيًا.

وَاسْتَعْمَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ عَلى مَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ، وَأَمَّرَهُ عَلَى حِمْصَ وَخَرَجَ مَعَهُ وَهُمَا مَاشِيَانِ وَالنَّاسُ مَعَهُمَا وَخَلْفَهُمَا، وَأَوْصَى كُلَّ واحد منهما.

كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن سَهْلٍ، عَنِ الْقَاسِمِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>