للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْقِلابِهِ إِلَى خَالِدٍ، وَهُمْ يَرَوْنَ أَنَّهَا مِنْهُ حَمْلَةٌ، فَأَزَالُوا الْمُسْلِمِينَ عَنْ مَوَاقِفِهِمْ إِلا الْمُحَامِيَةَ، عَلَيْهِمْ عِكْرِمَةُ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ وَرَكِبَ خَالِدٌ وَمَعَهُ جرجةُ وَالرُّومُ خِلالَ الْمُسْلِمِينَ، فَتَنَادَى النَّاسُ، فَثَابُوا، وَتَرَاجَعَتِ الرُّومُ إِلَى مَوَاقِفِهِمْ، فَزَحَفَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى تَصَافَحُوا بِالسُّيُوفِ، فَضَرَبَ فِيهِمْ خَالِدٌ وَجرجةُ مِنْ لَدُنِ ارْتِفَاعِ النَّهَارِ إِلَى جُنُوحِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ، ثُمَّ أُصِيبَ جرجةُ وَلَمْ يُصَلِّ صَلاةً سَجَدَ فِيهَا إِلا الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ أَسْلَمَ عَلَيْهِمَا، وَصَلَّى النَّاسُ الأُولَى وَالْعَصْرَ إِيمَاءً، وَتَضَعْضَعَ الرُّومُ، وَنَهَدَ خَالِدٌ بِالْقَلْبِ حَتَّى كَانَ بَيْنَ خَيْلِهِمْ وَرِجْلِهِمْ، وَكَانَ مُقَاتِلُهُمْ وَاسِعَ الْمَطْرَدِ، ضَيِّقَ الْمَهْرَبِ، فَلَمَّا وَجَدَتْ خَيْلُهُمْ مَذْهَبًا ذَهَبَتْ وَتَرَكُوا رِجْلَهُمْ فِي مَصَافِّهِمْ، وَخَرَجَتْ خَيْلُهُمْ تَشْتَدُّ بِهِمْ فِي الصَّحْرَاءِ، وَأَخَّرَ النَّاسُ الصَّلاةَ حَتَّى صَلُّوا بَعْدَ الْفَتْحِ.

وَلَمَّا رَأَى الْمُسْلِمُونَ خَيْلَ الرُّومِ تَوَجَّهَتْ لِلْهَرَبِ، أَفْرَجُوا لَهَا، وَلَمْ يُحَرِّجُوهَا، فَذَهَبَتْ فَتَفَرَّقَتْ فِي الْبِلادِ، وَأَقْبَلَ خَالِدٌ وَالْمُسْلِمُونَ عَلَى الرَّجْلِ فَفَضُّوهُمْ، فَكَأَنَّمَا هُدِمَ بِهِمْ حَائِطٌ، فَاقْتَحِمُوا فِي خَنْدَقِهِمْ، فَاقْتَحَمَهُ عَلَيْهِمْ فَعَمَدُوا إِلَى الْوَاقُوصَةِ، حَتَّى هَوَى فِيهَا الْمُقْتَرِنُونَ وَغَيْرُهُمْ، فَمَنْ صَبَرَ من المقترنين للقتال هوى به من خشعت نَفْسُهُ، فَيَهْوِي الْوَاحِدُ بِالْعَشْرَةِ لا يُطِيقُونَهُ، كُلَّمَا هَوَى اثْنَانِ كَانَتِ الْبَقِيَّةُ أَضْعَفَ، فَتَهَافَتَ فِي الْوَاقُوصَةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ أَلْفٍ، ثَمَانُونَ أَلْفَ مُقْتَرِنٍ وَأَرْبَعُونَ أَلْفَ مُطْلَقٍ، سِوَى مَنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ مِنَ الْخَيْلِ وَالرَّجْلِ، فَكَانَ سَهْمُ الْفَارِسِ يومئذ ألفا وخمسمائة، وَتَجَلَّلَ الْفَيْقَارُ وَأَشْرَافٌ مِنْ أَشْرَافِ الرُّومِ بَرَانِسَهُمْ، ثُمَّ جَلَسُوا وَقَالُوا: لا نُحِبُّ أَنْ نَرَى يَوْمَ السُّوءِ إِذْ لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَرَى يَوْمَ السُّرُورِ، وَإِذْ لَمْ نَسْتَطِعْ أَنْ نَمْنَعَ النَّصْرَانِيَّةَ، فَأُصِيبُوا فِي تَزَمُّلِهِمْ.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن أبي عثمان، عن خالد

<<  <  ج: ص:  >  >>