للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنِّي إِنِ اسْتَقْبَلْتُهَا حَبَسَتْنِي عَنْ غِيَاثِ الْمُسْلِمِينَ، فَكُلُّهُمْ قَالَ: لا نَعْرِفُ إِلا طَرِيقًا لا يَحْمِلُ الْجُيُوشَ، يَأْخُذُهُ الْفَذُّ الرَّاكِبُ، فَإِيَّاكَ أَنْ تُغَرِّرَ بِالْمُسْلِمِينَ فَعَزَمَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ إِلا رَافِعُ بْنُ عُمَيْرَةَ عَلَى تَهَيُّبٍ شَدِيدٍ، فَقَامَ فِيهِمْ، فَقَالَ: لا يَخْتَلِفَنَّ هَدْيُكُمْ، وَلا يَضْعُفَنَّ يَقِينُكُمْ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْمَعُونَةَ تَأْتِي على قدر النية، والأجر على قدر الحسبة، وَإِنَّ الْمُسْلِمَ لا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَكْتَرِثَ بِشَيْءٍ يَقَعُ فِيهِ مَعَ مَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ، فَقَالُوا لَهُ: أَنْتَ رَجُلٌ قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ الْخَيْرَ، فَشَأْنُكَ فَطَابَقُوهُ ونَوَوْا وَاحَتَسَبُوا، وَاشْتَهَوْا مِثْلَ الَّذِي اشْتَهَى خَالِدٌ، فَأَمَرَهُمْ خَالِدٌ، فَتَرَوَّوْا لِلشفةِ لِخَمْسٍ، وَأَمَرَ صَاحِبَ كُلِّ خَيْلٍ بِقَدْرِ مَا يَسْقِيهَا، فَظَمَأَ كُلُّ قَائِدٍ مِنَ الإِبِلِ الشرفِ الْجَلالِ مَا يَكْتَفِي بِهِ، ثُمَّ سَقَوْهَا الْعَلَلَ بَعْدَ النَّهَلِ، ثُمَّ صَرُّوا آذَانَ الإِبِلِ وَكَعَمُوهَا، وَخَلَّوْا أَدْبَارَهَا، ثُمَّ رَكِبُوا مِنْ قُرَاقِرَ مُفَوِّزِينَ إِلَى سَوَى- وَهِيَ عَلَى جَانِبِهَا الآخَرِ مِمَّا يَلِي الشَّامَ- فَلَمَّا سَارُوا يَوْمًا افْتَظُّوا لِكُلِّ عِدَّةٍ مِنَ الْخَيْلِ عَشْرًا مِنْ تِلْكَ الإِبِلِ فَمَزَجُوا مَا فِي كُرُوشِهَا بِمَا كَانَ مِنَ الأَلْبَانِ، ثُمَّ سَقَوُا الْخَيْلَ، وَشَرِبُوا للشفةِ جَرْعًا، فَفَعَلُوا ذَلِكَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.

كَتَبَ إِلَيَّ السري، عن شعيب، عن سيف، عن عبيد الله بن محفز ابن ثعلبة، عمن حدثه من بكر بْن وائل، أن محرز بْن حريش المحاربي قال لخالد: اجعل كوكب الصبح على حاجبك الأيمن، ثم أمه تفض إلى سوى، فكان أدلهم.

قال أبو جعفر الطبري: وشاركهم مُحَمَّد وطلحة، قالوا: لما نزل بسوى وخشي أن يفضحهم حر الشمس، نادى خالد رافعا: ما عندك؟ قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>