القبقلار رجلا عربيا- قال: فحدثت أن ذلك الرجل رجل من قضاعة، من تزيد بْن حيدان، يقال له ابن هزارف- فقال: ادخل في هؤلاء القوم فأقم فيهم يوما وليلة، ثم ائتني بخبرهم قال: فدخل في الناس رجل عربي لا ينكر، فأقام فيهم يوما وليلة، ثم أتاه فقال له: ما وراءك؟ قال:
بالليل رهبان، وبالنهار فرسان، ولو سرق ابن ملكهم قطعوا يده، ولو زنى رجم، لإقامة الحق فيهم فقال له القبقلار: لئن كنت صدقتني لبطن الأرض خير من لقاء هؤلاء على ظهرها، ولوددت أن حظي من الله ان يخلى بيني وبينهم، فلا ينصرني عليهم، ولا ينصرهم علي قال: ثم تزاحف الناس، فاقتتلوا، فلما رأى القبقلار ما رأى من قتال المسلمين، قال للروم: لفوا رأسي بثوب، قالوا له: لم؟ قال: يوم البئيس، لا أحب أن أراه! ما رأيت في الدنيا يوما أشد من هذا! قال: فاحتز المسلمون رأسه، وإنه لملفف.
وكانت وقعة أجنادين في سنة ثلاث عشرة لليلتين بقيتا من جمادى الاولى وقتل يومئذ من المسلمين جماعة، منهم سلمة بن هشام ابن المغيرة، وهبار بْن الأسود بْن عبد الأسد، ونعيم بْن عبد اللَّه النحام، وهشام بْن العاصي بْن وائل، وجماعة أخر من قريش قال: ولم يسم لنا من الأنصار أحد أصيب بها.
وفيها توفي أبو بكر لثمان ليال بقين- أو سبع بقين- من جمادى الآخرة.
رجع الحديث إلى حديث أبي زيد، عن علي بن محمد بإسناده الذي قد مضى ذكره قال: وأتى خالد دمشق فجمع له صاحب بصرى، فسار إليه هو وأبو عبيدة، فلقيهم أدرنجا، فظفر بهم وهزمهم، فدخلوا حصنهم، وطلبوا الصلح، فصالحهم على كل رأس دينار في كل عام وجريب حنطة ثم رجع العدو للمسلمين، فتوافت جنود المسلمين والروم