يَعْلَمُوا بِمَا صَنَعَتِ الرُّومُ، وَحِلَتْ خُيُولُهُمْ، وَلَقُوا فِيهَا عَنَاءً، ثُمَّ سَلَّمَهُمُ اللَّهُ- وَسُمِّيَتْ بَيْسَانُ ذَاتَ الرَّدَغَةِ لِمَا لَقِيَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا- ثُمَّ نَهَضُوا إِلَى الرُّومِ وَهُمْ بِفِحْلَ، فَاقْتَتَلُوا فَهُزِمَتِ الروم، ودخل المسلمون فحلا وَلَحِقَتْ رَافِضَةُ الرُّومِ بِدِمَشْقَ، فَكَانَتْ فِحْلُ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ ثَلاثَ عَشْرَةَ، عَلَى سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ خِلافَةِ عُمَرَ وَأَقَامَ تِلْكَ الْحَجَّةَ لِلنَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
ثُمَّ سَارُوا إِلَى دِمَشْقَ وَخَالِدٌ عَلَى مُقَدِّمَةِ النَّاسِ، وَقَدِ اجْتَمَعَتِ الرُّومُ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ بَاهَانُ بِدِمَشْقَ- وَقَدْ كَانَ عُمَرُ عَزَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَاسْتَعْمَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ- فَالْتَقَى الْمُسْلِمُونَ وَالرُّومُ فِيمَا حَوْلَ دِمَشْقَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ هَزَمَ اللَّهُ الرُّومَ، وَأَصَابَ مِنْهُمُ الْمُسْلِمُونَ، وَدَخَلَتِ الرُّومُ دِمَشْقَ، فَغَلَّقُوا أبوابها وجثم الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا فَرَابَطُوهَا حَتَّى فُتِحَتْ دِمَشْقُ، وَأَعْطَوُا الْجِزْيَةَ، وَقَدْ قَدِمَ الْكِتَابُ عَلَى أَبِي عُبَيْدَةَ بامارته وعزل خالد، فاستحيا أَبُو عُبَيْدَةَ أَنْ يُقْرِئَ خَالِدًا الْكِتَابَ حَتَّى فُتِحَتْ دِمَشْقُ، وَجَرَى الصُّلْحُ عَلَى يَدَيْ خَالِدٍ، وَكَتَبَ الْكِتَابَ بِاسْمِهِ فَلَمَّا صَالَحَتْ دِمَشْقُ لَحِقَ بَاهَانُ- صَاحِبُ الرُّومِ الَّذِي قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ- بِهِرَقْلَ وَكَانَ فَتْحُ دِمَشْقَ فِي سَنَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ فِي رَجَبٍ، وَأَظْهَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ إِمَارَتَهُ وَعَزْلِ خَالِدٍ، وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ، الْتَقَوْا هُمْ وَالرُّومُ بِبَلَدٍ يُقَالُ لَهُ عَيْنُ فِحْلٍ بَيْنَ فِلَسْطِينَ وَالأُرْدُنِ، فَاقْتَتَلُوا بِهِ قِتَالا شَدِيدًا، ثُمَّ لَحِقَتِ الرُّومُ بِدِمَشْقَ.
وَأَمَّا سَيْفٌ- فِيمَا ذَكَرَ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْهُ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ وَعُبَادَةَ- فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي خَبَرِهِ أَنَّ الْبَرِيدَ قَدِمَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْمَدِينَةِ بِمَوْتِ أَبِي بَكْرٍ وَتَأْمِيرِ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَهُمْ بِالْيَرْمُوكِ، وَقَدِ الْتَحَمَ الْقِتَالُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الرُّومِ.
وَقَصَّ مِنْ خَبَرِ الْيَرْمُوكِ وَخَبَرِ دِمَشْقَ غَيْرَ الَّذِي اقْتَصَّهُ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَأَنَا ذَاكِرٌ بَعْضَ الَّذِي اقْتَصَّ مِنْ ذَلِكَ:
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شعيب، عن سيف، عن محمد، عن أبي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: لَمَّا قَامَ عمر رضى عَنْ خَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ فَأَذِنَ لَهُمَا بِدُخُولِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قد منعهما لِفَرَّتِهِمَا الَّتِي فَرَّاهَا وَرَدَّهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute