للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَأْسِهِ، وَقَاسِمْهُ مَالَهُ نِصْفَيْنِ فَلَمَّا ذَكَرَ أَبُو عبيده ذلك لخالد، قال: انظرنى استشر أُخْتِي فِي أَمْرِي، فَفَعَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ، فَدَخَلَ خَالِدٌ عَلَى أُخْتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْوَلِيدِ- وَكَانَتْ عِنْدَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ- فَذَكَرَ لَهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ:

وَاللَّهِ لا يُحِّبُكَ عُمَرُ أَبَدًا، وَمَا يُرِيدُ إِلا أَنْ تُكَذِّبَ نَفْسَكَ ثُمَّ يَنْزَعَكَ فَقَبَّلَ رَأْسَهَا وَقَالَ: صَدَقْتِ وَاللَّهِ! فَتَمَّ عَلَى أَمْرِهِ، وَأَبَى أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ فَقَامَ بِلالٌ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ، فَقَالَ: مَا أُمِرْتَ بِهِ فِي خَالِدٍ؟ قَالَ:

أُمِرْتُ أَنْ أَنْزِعَ عِمَامَتَهُ، وَأُقَاسِمَهُ مَالَهُ فَقَاسَمَهُ مَالَهُ حَتَّى بَقِيَتْ نَعْلاهُ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: إِنَّ هَذَا لا يَصْلُحُ إِلا بِهَذَا، فَقَالَ خَالِدٌ: أَجَلْ، مَا أَنَا بِالَّذِي أَعْصِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ! فَأَخَذَ نَعْلا وَأَعْطَاهُ نَعْلا.

ثُمَّ قَدِمَ خَالِدٌ عَلَى عُمَرَ الْمَدِينَةَ حِينَ عَزَلَهُ.

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بْنِ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ كُلَّمَا مَرَّ بِخَالِدٍ قَالَ: يَا خَالِدُ، أَخْرِجْ مَالَ اللَّهِ مِنْ تَحْتِ اسْتِكَ، فَيَقُولُ:

وَاللَّهِ مَا عِنْدِي مِنْ مَالٍ، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ عُمَرُ قَالَ لَهُ خَالِدٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَا قِيمَةُ مَا أَصَبْتُ فِي سُلْطَانِكُمْ! أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ! فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ أَخَذْتُ ذَلِكَ مِنْكَ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، قَالَ: هُوَ لَكَ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ ولم يكن لخالد مال إِلا عِدَّةٌ وَرَقِيقٌ، فَحُسِبَ ذَلِكَ، فَبَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثَمَانِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَنَاصَفَهُ عُمَرُ ذَلِكَ، فَأَعْطَاهُ أَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَخَذَ الْمَالَ فَقِيلَ لَهُ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَوْ رَدَدْتَ عَلَى خَالِدٍ مَالَهُ! فَقَالَ: إِنَّمَا أَنَا تَاجِرٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَاللَّهِ لا أَرُدُّهُ عَلَيْهِ أَبَدًا فَكَانَ عُمَرُ يَرَى أَنَّهُ قَدِ اشْتَفَى مِنْ خَالِدٍ حِينَ صَنَعَ بِهِ ذَلِكَ.

رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ خَالِدٍ وَعُبَادَةَ، قَالا: وَلَمَّا جَاءَ عُمَرَ الْكِتَابُ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ بِالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَبْدَأَ بِهِ كَتَبَ إِلَيْهِ:

أَمَّا بَعْدُ، فَابْدَءُوا بِدِمَشْقَ، فَانْهَدُوا لَهَا، فَإِنَّهَا حِصْنُ الشَّامِ وَبَيْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>