أَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدٍ، فَقِيلَ لَهُ: اسْتَعْمِلْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: لا هَا اللَّهُ ذَا يَا أَصْحَابَ النَّبِيِّ، لا أَنْدُبُكُمْ فَتَنْكِلُونَ، وَيَنْتَدِبُ غَيْرُكُمْ فَأُؤَمِّرُكُمْ عَلَيْهِمْ! إِنَّكُمْ إِنَّمَا فُضِّلْتُمْ بِتَسَرُّعِكُمْ إِلَى مثلها، فان نكلتم فضلوكم، بَلْ أُؤَمِّرُ عَلَيْكُمْ أَوَّلَكُمُ انْتِدَابًا وَعَجَّلَ الْمُثَنَّى، وَقَالَ:
النَّجَاءَ حَتَّى يَقْدَمَ عَلَيْكَ أَصْحَابُكَ! فَكَانَ أَوَّلَ شَيْءٍ أَحْدَثَهُ عُمَرُ فِي خِلافَتِهِ مَعَ بَيْعَتِهِ بَعْثُهُ أَبَا عُبَيْدٍ، ثُمَّ بَعَثَ أَهْلَ نَجْرَانَ، ثُمَّ نَدَبَ أَهْلَ الرِّدَّةِ، فَأَقْبَلُوا سِرَاعًا من كل أوب، فرمى بهم الشَّامِ وَالْعِرَاقِ، وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَرْمُوكِ، بِأَنَّ عَلَيْكُمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّكَ عَلَى النَّاسِ، فَإِنْ أَظْفَرَكَ اللَّهُ فَاصْرِفْ أَهْلَ الْعِرَاقِ إِلَى الْعِرَاقِ، وَمَنْ أَحَبَّ مِنْ أَمْدَادِكُمْ إِذَا هُمْ قَدِمُوا عَلَيْكُمْ فَكَانَ أَوَّلَ فَتْحٍ أَتَاهُ الْيَرْمُوكُ عَلَى عِشْرِينَ لَيْلَةٍ مِنْ مُتَوَفَّى أَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ فِي الأَمْدَادِ إِلَى الْيَرْمُوكِ فِي زَمَنِ عُمَرَ قَيْسُ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَرَجَعَ مَعَ أَهْلِ الْعِرَاقِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا غَزَا حِينَ أَذِنَ عُمَرُ لأَهْلِ الرِّدَّةِ فِي الْغَزْوِ وَقَدْ كَانَتْ فَارِسُ تَشَاغَلَتْ بِمَوْتِ شهر براز عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَمَلَكَتْ شَاهْ زنانَ، حَتَّى اصْطَلَحُوا على سابور بن شهر براز بْنِ أَردشيرَ بْنِ شَهْرَيَارَ، فَثَارَتْ بِهِ آزرميدختُ، فَقَتَلَتْهُ وَالْفرخزَاذُ، وَمَلَكَتْ- وَرُسْتُمُ بْنُ الْفَرخزَاذِ بِخُرَاسَانَ عَلَى فرجها- فَأَتَاهُ الْخَبَرُ عَنْ بورانَ وَقَدِمَ الْمُثَنَّى الْحِيرَةَ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي عَشْرٍ، وَلَحِقَهُ أَبُو عُبَيْدٍ بَعْدَ شَهْرٍ، فَأَقَامَ الْمُثَنَّى بِالْحِيرَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَكَتَبَ رُسْتُمُ إِلَى دَهَاقِينِ السَّوَادِ أَنْ يَثُورُوا بِالْمُسْلِمِينَ، وَدَسَّ فِي كُلِّ رُسْتَاقٍ رَجُلا لِيَثُورَ بِأَهْلِهِ، فَبَعَثَ جَابَانَ إِلَى الْبَهْقَبَاذِ الأَسْفَلِ، وَبَعَثَ نَرْسِيًّ إِلَى كَسْكَرَ، وَوَعَدَهُمْ يَوْمًا، وَبَعَثَ جُنْدًا لِمُصَادَمَةِ الْمُثَنَّى، وَبَلَغَ الْمُثَنَّى ذَلِكَ، فَضَمَّ إِلَيْهِ مَسَالِحَهُ وَحَذِرَ، وَعَجِلَ جَابَانَ، فَثَارَ وَنَزَلَ النَّمَارِقَ.
وَتَوَالَوْا عَلَى الْخُرُوجِ، فَخَرَجَ نَرْسِيٌّ، فَنَزَلَ زَنْدوَرْدَ، وَثَارَ أَهْلُ الرَّسَاتِيقِ مِنْ أَعْلَى الْفُرَاتِ إِلَى أَسْفَلِهِ، وَخَرَجَ الْمُثَنَّى فِي جَمَاعَةٍ حَتَّى يَنْزِلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute